الاستعارة التمثيلية في الحکم العطائية بين الأنماط التعبيرية والبِنى الترکيبة

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

جامعة الأزهر

المستخلص

الحمد لله رب العالمين { يُؤْتِي الْحِکْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِکْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا کَثِيرًا وَمَا يَذَّکَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ } [البقرة: 269]، والصلاة والسلام على رسول الله الذي آتاه الله الحکمة وفصل الخطاب، وعلى آله وأصحابه وعلى کل من عُنى من علماء أمته هذا الإرث الشريف إبانة وشرحاً.
ثم أما بعد
فإني رأيت حکم الشيخ ابن عطاء الله الإسکندري – t – ذات عبارات رائقة، ومعاني حسنة فائقة، صفّيت من ناحية الأسلوب والصياغة، فکانت مثلا رائعا للأدب الرفيع، والأسلوب الرصين وصُفيّت من ناحية الفکرة، فکانت مثلا عاليا للفکر الإسلامي الصحيح الذي يسوق إلى تصفية الأعمال وتصحيح الأقوال.
ومن ثم أردت أن أبرز جانبا من جوانبها البلاغية – وما أکثرها – فوقع اختياري على صورة من الصور البيانية التي اشتملت عليها وهي "الاستعارة التمثيلية" وذلک لعدة أسباب:
السبب الأول:
أن الاستعارة من أدق أساليب البيان تعبيرا، وأرقها تأثيرا، وأجملها تصويرا، وأکملها تأدية للمعنى المراد.
ومن هنا کان الحس بالشيء ورؤيته في التشبيه غير الحس به ورؤيته في الاستعارة، وکأن بين أيدينا سلما تتعاقب درجاته، ويرتقي فيه الخيال درجة درجة، أو سلسلة تتواصل حلقاتها، ويمضي فيها الخيال واحدة بعد أخرى، تبدأ مع بداية الحس بالمشابهة بين شيئين مختلفين، وتنتهي عند توهج الإحساس بصيرورتها شيئا واحدا، وهذا يقال في کل صورة من صور الاستعارة

السبب الثاني:
أني قرأت الحکم کلها وهي أربع وستون ومئتان من الحکم البليغة فوجدت أکثر الألوان البيانية انتشارا هي الاستعارة فأردت أن أبرز جانبا من هذه الصورة البيانية المشرقة، وطريقة بنائها، کحکمة تصوغ أشرف المعاني الروحية في علاقة العبّاد والسالکين بخالقهم، کما تصوغ الدواء لکل داء باطني يحدث لهم أثناء سيرهم إلى الله – تعالى - .
السبب الثالث:
أن الحکم العطائية على وجه الخصوص لم تلق اهتماما من الدرس البلاغي المتخصص، الذي يبرز الجانب البلاغي الذي اشتملت عليه الحکم في أسلوبها البديع، ونظمها العالي وکلماتها المختارة، مع کونها من أرقى، وأدق صور النثر الفني في العربية.
من أجل ذلک أردت أن ألفت نظر الدارسين والباحثين إلى دراسة هذه الحکم، وما اشتملت عليه من صور بيانية وفنون بلاغية ينبغي أن يهتم بها الدارسون عامة، والمتخصصون في البلاغة على وجه الخصوص.. والله تعالى ولي التوفيق.
 

الكلمات الرئيسية