الظواهر الأسلوبية في التعبير النبوي قراءة تحليلية في نصوص من الحديث الشريف

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

بجامعة الأمير سطام بن عبدالعزيز وجامعة الفيوم بمصر

المستخلص

إن السمت الرائع الراقي للتعبير النبويّ أحرى أن يٌلفت الدارسين إليه .
أن يدفع إلى الکشف عما جنّ من أسرارٍ ، وما انطوى عليه من عبقرية الأداء والنظم والبناء الأدبي العالي. هذا الأمر الذي تبوَّأ به في الفصاحة والبيان العربي مکانًا عَلِيًّا . هکذا جاءت فکرةُ هذه الدراسة. إن التأمل الدقيق لمفاصل التعبير وأرکان بنائه قد تسفر عن اکتشاف شيءٍ من أسرار عظمته .

وعلى الرغم من أن معالجتنا الأسلوبية في هذه الدراسة قد تناولت التعبير وشکل النص في جُلّ الظواهر التي درسَتْها ، فإنّا نختلف مع رائد من رواد هذا المنهج في قوله : " إن الدرس الأسلوبي لا يتسلط على المضمون "([1]) ، إذا
ما احتسبنا أن المعنى واقعٌ ضمن المضمون . فقد نَدَّتْ لدينا ظاهرتان أو أکثر ، بُنِيَ التحليلُ فيهما على المعنى منطلقًا أوليًّا([2])، وسَلِمَ لنا الاکتشاف !

وثَمَّ قضيةٌ أخرى ذاتُ خطرٍ في الدراسات الفنية القائمة على نصوص الحديث الشريف. إنها قضية ثبوت عبارته في نسبتها إلى النبي الکريم صلى الله عليه وسلم . ولقد ورد في تاريخ الرواية أن بعض الآثار قد رويت بالمعنى وبعضها روي باللفظ والمعنى معًا . وزعم بعضُ متأخري اللغويين أن أهل اللغة الأوائل ترکوا الاستشهاد بالحديث النبوي ؛ بالنظر إلى ما أجيز من روايته بالمعنى ولَحْنِ بعض رواته من الأعاجم . وقد ثبت أن هذا الزعم لا يثبت عند الاستدلال لأسباب متعددة ، من أبرزها أن کثيرًا من أئمة النحو واللغة کأبي عمرو بن العلاء والخليل والکسائي وکثير غيرهم ، ثبت احتجاجُهم بنصِّهِ في کتبهم([3]).
وخلاصة المقال أن ثمة بواعثَ قويةً تدفع إلى الاطمئنان إلى حَرفيّة ورود النصوص عن المصطفى صلى الله عليه وسلم ، منها شدة تحري أئمة الرواة وعلماء الحديث في روايته وطرقه وتمحيص الرجال ، ثم تلک النهضة الکبرى في مجال التحقيق التي أنتجت کتبَ الصحاح ، بل کتب السُّنة الستة المعروفة([4]). ولاريب أن قواعد الجرح والتعديل الصارمة تکفل لهؤلاء التحري الشديد والدقة المتناهية في الرواية . وقد کان العرب منذ أول عهدهم أهل رواية وحفظ ومَلَکة لا يَنِدّ عنها شيءٌ في هذا المجال . وقد ذکروا أن " الرواي للحديث بالمعنى کان يمنع الکاتبين أن يأخذوا عنه ، حتى لا يلتبس الأمرُ ، فيظن قارئُ کتبِهِم أنه لَفظُ النبيّ عليه الصلاة والسلام ... على أن طائفة من أصحاب الحديث والفقه والأصول لا تجيز إلا اللفظ مهما کان الراوي عالمًا بالألفاظ والمقاصد ، خبيرًا بما يحيل معانيها "([5]).
وفي التعامل مع النص الشريف يرى بعضُ الأسلوبيين ألا يتم دراسةُ النص العربي للحديث الشريف على أن غاية صاحبه صلى الله عليه وسلم هي الإبداع الأدبي ، حاشاه ، عليه السلام من ذلک ، بل إن وَکْدَهُ الأول والأخير کان تبليغ الرسالة([6]). وکانت فصاحتُه سليقةً وفطرة فطره الله عليها ، لا مُدَّعاةً ولا مُتکلّفة

الكلمات الرئيسية