الأَخْذُ بالْأَخَفِّ عِنْدَ عُلَمَاءِ الْأُصُولِ

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

کُلّيِّة الدِّراسَات الإسْلاَمية بأُسوان

المستخلص

    فإن موضوع الفُتْيَا وسؤال أهل العلم يمثِّل جانبًا مهمًّا في حياة المسلم، ولذلک أَفْرَدَ الأئمَّةُ – رحمةُ الله تعالى عليهم– في هذا المجال مصنَّفات مستقلَّةً تناولوا فيها عامَّةَ ما يتعلَّق بالفُتْيَا وضوابطها وآدابها وما يجب على المفتي والمستفتي وأحکام کلِّ واحد منهما.
ولو تأمَّل المرءُ في حال کثير من النَّاس اليومَ ,وما هم عليه بشأن الفُتْيَا فإنَّه يجد أمورًا کثيرةً تستوقفه مخالفةً للشَّرع الحنيف, ومخالفةً لما قرَّره الأئمةُ في مصنَّفاتهم, من عدم استشعار المسؤولية أو التَّسَرُّع أو القول بغير علم، أو التَّصدِّي للفتوى من غير تأهُّل لها أو التَّساهل فيها, وکل هَذِه الأمور لها أسبابها وتداعياتها، ويطول المقام لطرحها ومناقشتها.
ومما لا شک فيه فإن واقعنا المعاصر يشهد أزمة تخص العلاقة الشرعية بين  الْمُجْتَهد والمفتي من جهة, والْمُقَلّد من جهة أخري مما يجعل الْمُقَلّد لا يجد مساغاً في اتباع الْمُجْتَهد أو المفتي في بعض الأمور للشک في صحة فتواه, وقد يأخذ بها إضطراراً لظنه بأنه متعبد بذلک, حتي لو لم يکن مقتنعاً بالأمر,مما يجعل العلاقة بينهما علاقة اضطراب وتزلزل ,فعقله في واد وسلوکه في واد آخر.
   ولکن أحسب أنَّ من أخطرها وأشدِّها مسألة: الأَخْذُ بالْأَخَفِّ عِنْدَ عُلَمَاءِ الْأُصُولِ, وبخاصَّة أنَّها انتشرت وبدأ يظهر العمل بها في هذا الزمن من قبل بعض المفتين والمستفتين، ومع ذلک نجد أنَّ الحديثَ عنها تحذيرًا وتنبيهًا ليس بالقدر المطلوب الذي يفترضه الشَّرع ويقتضيه العقل، ومن باب التَّواصي بالحقِّ والإعذار إلى  الله العليم الخبير جاء هذا الْبَحْث الذي أبيِّن فيه - بمشيئة الله تعالى - هَذِه الْمَسْأَلَة، وما يترتَّب عليها, سائلاً الله - عزوجل - الهدايةَ والسَّدادَ فيه وفي جميع الأقوال والأفعال.
    وهذا الْبَحْث يخاطب فئة الْمُقَلّدين لتنبيههم علي السلوک الصحيح الذي ينبغي أن يتخذوه وفق قناعتهم وما تراه عقولهم فلعل ذلک يساهم مساهمة جادة للنهوض بالأمة من حيث جعل عقول هؤلاء الْمُقَلّدين لها دورها الفاعل في التأثير علي مجريات الحياة في القضايا التي لها مساس بالحياة الدينية.([1])
أهمية الْبَحْث وسبب اختياره ترجع أهمية وسبب اختياري لهذا الْبَحْث إلى الأسباب الآتية:
1-جِدةُ الْمَوْضُوعُ وحداثة طرحه علي الساحة التأليفية المتخصصة في أصول الفقه,إذ لا اعْلَم أن تناوله باحث بکتابة علمية منفردة, من الناحية الأصولية وإفرادها بدراسة مستقلة تجلي حدودها وتفصح عن ضوابطها.
2-مواجهة اختلاف الفتاوى و توعية الناس وإظهار الرأي الصحيح والدعوة له, وتعليم الناس التعامل مع اختلاف المفتين .
3-أن هَذِه الْمَسْأَلَة کثر الکلام فيها ووقع فيها خلط وتعميم مما دعاني إلى تصويرها وتحقيق الکلام فيها.
4-أنها من المسائل التي أُشکلت على أصحاب التخصص فضلاً عن طلاب العلم.
5-أن في دراسة هذا الْمَوْضُوع بياناً لما جاءت به الشريعة السمحة من اليسر والسهولة، إذ لو أخذ کل إنسان ما يشاء لحصل تضارب في الفتاوى والأحکام.
6- أن هَذِه الْمَسْأَلَة مبنية على مسائل غاية في الأهمية والخطورة کمسألة وجوب الصلاح والأصلح علي الله –تعالي- والتحسين والتقبيح العقليين والتصويب والتخطئة.
7-إظهار مدي يسر الْإِسْلَام وملائمته للفطر السليمة في کل زمان ومکان.
8-الرد علي المتشددين الذين يعتقدون أن التشدد يخدم الدين ويسد الذرائع,مما نتج عنه شعور بالحرج والضيق مما نفته الشريعة,وعلي المتساهلين بدون دليل بحجة المصلحة والتيسير دون إعمال الضوابط المعروفة.
9-تصحيح بعض المفاهيم حول هَذِه الْمَسْأَلَة التي تنازع العلماء فيها بين مغالٍ في قبولها والأخذ بها ومجافٍ مُنکر لها.
10-تصحيح ما شاع من أن علم أصول الفقه علم جامد غامض قد أغلق الْبَحْث فيه.
خِطَّةُ الْبَحْث:
الأَخْذُ بالْأَخَفِّ عِنْدَ عُلَمَاءِ الْأُصُولِ
ويشتمل هذا الْبَحْث علي مقدمة وتمهيد وأربعة مباحث وخاتمة:
الْمُقدمَة وتشتمل على :  
أولاً : الِاسْتِهْلَال بما يُنَاسِبُ الْمَوْضُوعُ.
ثانياً : أهمية الْبَحْث وسبب اختياره .
ثالثاً : خِطَّةُ الْبَحْث .
رابعاً: طريقتي في الْبَحْث.
التَّمْهِيدُ: في التعريف بالِاجْتِهَاد والتَّقْلِيد وشروطهما.
ويشتمل علي مطلبين:
الْمَطْلَبُ الْأَوَّل: التعريف بالِاجْتِهَاد وشروطه.
الْمَطْلَبُ الثَّانِي: التعريف بالتَّقْلِيد وشروطه.
الْمَبْحَث الْأَوَّل: التيسير ورفع الحرج.
الْمَبْحَث الثَّانِي: أسباب الِاخْتِلَاف بين الفقهاء.
الْمَبْحَث الثالث: أقوال العلماء وأدلتهم ونوع الخلاف والترجيح في الأخذ  بالْأَخَفِّ مِنْ أَقْوَالِ الْمُجْتَهدينَ الفُتْيَا.
ويشتمل علي أربعة مطالب:
الْمَطْلَبُ الْأَوَّل: أقوال الْأُصُولِيِّينَ .
الْمَطْلَبُ الثَّانِي: الأدلة والمناقشات.
الْمَطْلَبُ الثالث: نوع الخلاف .
المطلب الرابع: الترجيح .
الْمَبْحَث الرابع: مسائل تتعلق بتقليد الْمُقَلّد والْعَاميّ.
الْمَسْأَلَة الْأَوَّلى :اتباع الْعَاميّ بعض الْمُجْتَهدينَ في حکم وعمل بقوله هل يرجع إلى غيره.
الْمَسْأَلَة الثَّانِية :إذا اتَّبع الْعَاميّ بعض الْمُجْتَهدينَ في حکم حادثة، فهل له اتباع غيره في حکم آخر.
الْمَسْأَلَة الثالثة :إذا عين الْعَاميّ  مَذْهَباً معيناً ک مَذْهَب الشافعي أو أبي حنيفة أو غيره.
الْمَسْأَلَة الرابعة :هل يجوز للمقلد الانتقال من  مَذْهَب إلى  مَذْهَب أم يجب عليه التزام مَذْهَب معين؟
أما الْخَاتِمَة: فسوف تکون في أهم النتائج التي توصلت إليها من خلال دراستي للموضوع.
طريقتي في الْبَحْث
   وطريقتي في الْبَحْث سوف تکون بإذن الله- سبحانه - وفق الخِطَّةُ السابقة کما يلي :
1- جمع المادة العلمية بکل تتبع ودقة من مصادرها العلمية والمراجع المثبتة في هوامش الْبَحْث وفي فِهْرِس المراجع والمصادر .
2- تحري الدقة في نقل المذاهب من أصولها وعرضها ونسبتها إلى قائليها ووثقت ذلک من کتبهم مباشرة ، ولم ألجأ إلى التوثيق بواسطة إلا عِنْدَ تعذر الوصول الأصل.
3- تحرير آراء الفقهاء في الْمَسْأَلَة, تحريراً علمياً دقيقاً، مع بيان موطن الخلاف في الْمَسْأَلَة.
4-  کتابة الْبَحْث بأسلوب علمي متأدب يوضح المسائل بأجلي بيان مع ما تقتضيه البلاغة من مطابقة الکلام لمقتضى الحال .
5- ضبط ما أُشکل في القراءة ,وترقيم الْبَحْث بعلامات الترقيم.
6-  کتابة الآيات القرآنية الکريمة التي ترد في الْبَحْث بالرسم العثماني وترقيمها وعزوها إلى سورها في صلب الْبَحْث وليس في الهامش تقليلاً للهوامش واتباعاً للطريقة الجديدة في الکتابة.
7- تخريج الأحاديث النبوية الشريفة والآثار التي ترد في الْبَحْث تخريجاً علمياً دقيقاً معتمداً على کتب الصحاح والسنن ,وبذل المجهود لبيان درجتها عِنْدَ أئمة الحديث والحکم عليها, ونقلها بالنص الذي وردت به في کتب الحديث المعتمدة لا کما ذکره المستدلون, مع ذکر مکان الحديث أو الأثر من هَذِه الکتب والجزء من الکتاب والباب ورقم الصفحة ورقم الحديث.
8- ترجمة الأعلام (الغير مشهورة) ترجمة موجزة تشمل اسم العلم وکنيته أو لقبه وتاريخ وفاته ومؤلفاته .
9-اکتفيت بذکر الطبعة للمراجع في قائمة المراجع في آخر الْبَحْث مما أغني عن ذکرها في ثنايا الْبَحْث ورتبتها ترتيباً هجائياً حتي يسهل الوصول إليها,ما عدا بعض المراجع الفقهية لقلة ورودها في الْبَحْث فأُثبت الطبعة في هامش الْبَحْث.
10-جعلتُ الهوامش مرتبة ومتسلسلة في جميع صفحات البحث لا في کل صفحة علي حدة حتي يسهل الوصول إليها عند الإحالة.
11- الفهرسة الفنية للمراجع والمصادر والْمَوْضُوعات.

الكلمات الرئيسية