حياة الکلمة العربية وموتها دراسة لغوية وصفية

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

اللغة بکلية اللغة العربية بأسيوط

المستخلص

فالکلمة کائن حي ، تمر بما يمر به الکائن الحي من الميلاد والنشأة ، والتغير والتطور ، والضعف والقوة ، والموت والفناء ، والکلمة العربية لها خصوصية عن سائر الکلمات حيث إن القرآن ضمن لکثير منها الخلود والبقاء إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها .
ولا شک أن إضافة الحياة للکلمة استعمال مجازي ؛ لأن الکلمة هى رمز صوتي يستعمله الکائن الحي ( وهو الإنسان ) ، والذي دعا إلى إضافة الحياة للکلمة وسوغ هذه الإضافة هو کون هذه الرموز تمر بما يمر به الکائن الحي من مراحل وأطوار.
ويقال : الحاجة أم الاختراع ، واحتياج المجتمع إلى کلمات جديدة للتعبير عن المعاني الجديدة يدعوه إلى ابتکار واختراع کلمات تفي  بحاجاته ومتطلباته حتى لا تقف اللغة حاجزاً أو عائقاً أمام تنفيس الإنسان عما يجول بداخله
أو أدواته التي يستعملها أو أسماء الأشياء التي تستحدث على مر الأيام .

وإنتاج الکلمات وإنشاؤها لا يکون اعتباطاً أو جزافاً بل لا بد وأن تتفق تلک الکلمة مع الضوابط والقواعد العامة التي تحکم تلک اللغة التي تنتمي إليها، فليس کل ترکيب للحروف صالحاً لإنتاج کلمة مقبولة من الناس والمجتمع بل لابد وأن تکون سهلة النطق خفيفة الأداء محددة المعنى والمدلول وتحظى بقبول مجتمعي يضمن لها الذيوع والانتشار .
وليس کل شخص صالحاً لإنتاج أو ابتکار أو اختراع الکلمات بل لابد وأن تتوافر فيه الفصاحة والبلاغة کالشعراء والأدباء والکتاب والمبدعين .
وإذا لم تستوف الکلمة الشروط اللازم توافرها فإنها تولد ميتة کالطفل السقط أو تموت في مهدها ، أما إذا توافرت فيها الشروط اللازمة فإنها تحيا وتنتشر وتشتهر بين الناس وربما کتب لها البقاء والخلود .
أما عن دوافع اختياري لهذا الموضوع فإنها تتمثل فيما يلي :
أولاً : ليس کل الکلمات صالحة للاستعمال الفصيح الأمثل بل لابد من شروط يلزم توافرها لإنتاج الکلمة الصالحة للاستعمال ، وهذه الدراسة تلقي الضوء على هذه الشروط .
ثانياً : إنتاج الکلمة المقبولة مجتمعياً ليس أمراً سهلاً ولا شيئاً هيناً فلا يقوم به إلا من يکون أهلاً لهذا الأمر ، فمن هم أصحاب الحق في إنتاج الکلمات ؟ ومن هم الذين لهم الحق في تحديد مدلولها ؟ هذا ما سنعرفه في أثناء قراءة هذا البحث .
ثالثاً : ولدت کلمات واشتهرت ألفاظ وهى غير شرعية حيث الترکيب الذي لا يتفق والضوابط العامة للغة والدلالات الموغلة في الخصوصية وعدم الربط بين اللفظ والمدلول ، فما الأسباب التي تؤدي إلى موت تلک الکلمات ؟
رابعاً : قد يخفى على بعض الناس کيف تؤلف الکلمة ؟ وکيف تولد أو تنتج ؟ وکيف تعيش وتنمو وتستمر ؟ وکيف تضعف وتزبل وتموت ؟ کل هذه الأسئلة أردت أن أجيب عنها وأن أوضحها للقارئ الکريم . 
وقد اقتضت الدراسة أن يکون هذا البحث في مقدمة وتمهيد وخمسة  مباحث ، أما المقدمة فقد تکلمت فيها عن الدوافع التي دفعتني إلى الکتابة في هذا الموضوع ، وخطة البحث ، ومنهج الدراسة .
وأما التمهيدفکان بعنوان ( مصطلحات تتعلق بالکلمة ) وتکلمت فيه عن تعريف الکلمة ، والفرق بين الکلمة واللفظة ، والفرق بين الکلام والقول ، والفرق بين اللغة والکلام .
المبحث الأول: نشأة الکلمة العربية وتکلمت فيه عن الشروط التي يلزم توافرها في الکلمة حتى تکون صالحة للاستعمال .
المبحث الثاني:الکلمة العربية بين الإهمال والاستعمال ، وذکرت أسباب الإهمال ومستويات الاستعمال من المطرد إلى الغالب والکثير والنادر والقليل ، والآثار المترتبة على کثرة الاستعمال .
المبحث الثالث: من صفات الکلمة العربية ، وتحدثت فيه عن بعض صفات الکلمة في حالة الاستعمال ، وقسمتها قسمين :
أ ـ صفات مستحسنة وهى : الرقيقة ، والجزلة  ، والعذبة .
ب ـ صفات غير مستحسنة وهى: الحوشية أو الوحشية ، والمبتذلة ، والعامية .
المبحث الرابع : تغيُّر الکلمة العربية وتطورها ، وتناولت فيه ما تمر به الکلمة العربية من تخصيص ، أو تعميم أو انتقال .
المبحث الخامس : موت الکلمة العربية ، وذکرت فيه الفرق بين الموت والإهمال وأسباب موت الألفاظ وصور موتها .
وقد التزمت المنهج الوصفي في هذه الدراسة، حيث وصف المراحل والأطوار التي تمر بها الکلمة منذ نشأتها وحتى وفاتها أو بقائها وخلودها ، وعرجت على المنهج التاريخي وأخذت منه بطرف حسب مقتضايات البحث .
والله تعالى أسأل أن ينفع بهذه الدراسة طلاب العلم والدارسين والقارئين ، وأن يلهمنا الصواب في القول والعمل ، وما نأتي وما نذر ، إنه خير مأمول ، وأفضل مسئول ، وإليه المرجع والمآل .
الباحث

الكلمات الرئيسية