الدَّرْسُ النّـَحْــوِيُّ فِي سُوْرَةِ هُوْدٍ وَأَخَوَاتِهَا

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

قسم اللغة العربية کلية الآداب والعلوم الإنسانية ـ جامعة طيبة

المستخلص

    تظل الدراسات النحوية القرآنية فيضًا مستمرًا، يستمد عمقه وأصالته من کتاب الله الکريم، فمذ بدأ التأليف اللغوي کان القرآن الکريم مصدرًا ‏أولًا في الاستشهاد اللغوي بعامة، والنحوي بخاصة، حتى تخصصت المؤلفات لتظهر کتب معاني القرآن وإعرابه، فرافقت کتب التفسير التي ناقشت کثيرًا ‏من مسائل النحو والصرف في تفسير الآيات القرآنية الکريمة.
  وحفل التاريخ النحوي قديمًا وحديثًا بکثير من الدراسات التي اتخذت القرآن الکريم مصدرًا  ثرًا  لبناء مادتها، وتنوعت بين دراسات تقوم على استقراء القرآن الکريم کله، أو بعضه، ومنها ما اقتصر على سورةٍ تبنى عليها دراسة  نحوية ‏أو صرفية، أو أن يُجمع بين العلمين في الدراسة.
   ويقوم اختيار الباحثين للسورة أو السور موضوع الدراسة لبواعث يرتضونها، وأهداف يخدمونها؛ فتکون حافزاً  لبناء دراساتهم، فمنها ومنها ما يهتم بموضوع، أو قضية، أو حرفِ أو عدد من حروف المعاني؛  لتدرس في سورة أو جزء، أو  في کامل القرآن الکريم، وقد تتجه الدراسات لتهتم بفکرة الدرس النحوي عند مدرسة أو عالم، أو في سورة أو بضع سور من القرآن الکريم، وغير ذلک من تنوع مسارب الدراسات؛ فتختلف الدراسات حينئذٍ في تقسيماتها ومنهجها وفق الهدف الذي قامت من أجله.
   وهنا کان دافع هذا البحث هو وقفةٌ تکررت کثيرًا أمام حديث المصطفىe، حين سُئِل: قد شِبتَ يا رسول الله؟ فقال: " شيبتني هود وأخواتها"،([1]) وروى الترمذي:" شيبتني هُودٌ والواقِعةُ والمرسلاتُ، وعمَّ يتساءلونَ وإذا الشَّمْسُ کُوِرَتْ". ([2])
  واختلفت روايات الأحاديث في تحديد أخوات سورة هود ([3])، وأسفر استقراء الروايات عن إحدى عشرة سورة کريمة، وهي وفق ترتيب المصحف: سورة الواقعة، والحاقة، والمعارج، والقيامة، والمرسلات، والنبأ، والتکوير، والانفطار، والانشقاق، والغاشية، وآخرها سورة القارعة ليأتي هذا البحث متخذًا من سورة ( هود وأخواتها) ‏مجالًا لبناء دراسة نحوية تتناول عددًا من المسائل النحوية التي وردت في هذه السور مجتمعة أو منفردة .
  وکان مما حفزني لهذا العمل أني لم أجد– في حدود ما وقفت عليه- دراسة تفردت في البحث في سورة هود مع أخواتها، لتظهر أهمية تخص الدراسة الحالية، وهي تفردها في بابها بجمع هذه السور کلها في دراسة نحوية مشترکة، وبالنظر فيما اشتملت عليه هذه السور من آيات العقيدة والرسالة والرسل، وقصص الأمم السابقة مع أنبيائهم، وأهوال القيامة، والبعث والحساب، ومشاهد النعيم والعذاب تولدت مشکلة البحث لتجيب عن الأسئلة التالية:
 
-        ما الترکيب النحوي للجمل في سورة هود وأخواتها ؟
-        ما أبرز قضايا الحذف والتقديم والتأخير في هذه السور؟
-        ما دلالات بعض حروف المعاني التي تتوافق مع مضمون السور ؟
-        ما التوجيهات النحوية للقراءات القرآنية في هذه السور ؟
فتتحقق بذلک جملةُ أهدافٍ يسعى البحث إليها، ومنها :

تتبع بعض المسائل النحوية في السور الکريمة في بناء الجملة، وقضايا الترتيب والحذف .
دراسة هذه المسائل من خلال أقوال النحاة والمعربين والمفسرين.
استجلاء دلالات الآيات موضوع الدراسة بما يمکنه أن يفسر تخصيص الرسولe هذه السورة وأخواتها؛ أنها سبب تسارع الشيب إليه عليه أفضل الصلاة وأزکى التسليم.

   وتقوم الدراسة فکرةً وإجراءً على استخدام المنهج الوصفي التحليلي؛ وذلک من خلال تتبع عدد من القضايا النحوية في السور الکريمة، بجمع شواهدها من الآيات ودراستها وعرض – ما أمکن منها - في جداول تيسر الوصول إليها، والإحالة في الهوامش إلى أغلب الشواهد التي لم تذکر في الجداول، ثم تحليل نماذج من تلک الشواهد بما يخدم هدف البحث الرئيس، وهو تتبع دلالات الآيات فيها، وتقوية الرأي بما ورد عند النحاة والمعربين من نقول ومناقشات نحوية، دون إفاضة في ذلک؛ إذ المقصد تلمس أسرار بعض الآيات في تفسير حديث الرسولe:
" شيبتني هود وأخواته"، وفي ضوء ذلک جاء البحث في مقدمة وتمهيد وأربعة مباحث وخاتمة، وفق ما يلي:

-        التمهيد : وهو حديث عن سورة هود وأخواتها.
-         المبحث الأول : بناء الجملة في السور، وجاء هذا المبحث ليتناول نوع الجمل في السور کلها من خلال الجمع بين رؤى القدامى وبعض المحدثين في تقسيمات الجمل .
-        المبحث الثاني : مسائل الترتيب والحذف، وفيه عرض لمسائل التقديم والتأخير، ومسائل الحذف في السور .
-        المبحث الثالث: حروف المعاني‏ في السور، حيث تم جمع بعض من الحروف التي تتوافق معانيها في الآيات مع مضامين السور الکريمة .
-        المبحث الرابع : توجيه القراءات القرآنية في السور، وانتهج المبحث جمع عدد من القراءات وتقسيمها وفق توجيهاتها النحوية، وعرضها في جداول تيسر تناولها والرجوع إليها، ولم يتجه البحث هنا إلى مناقشة القضايا النحوية في القراءات فقد لا تخدم فکرة البحث في تتبع دلالات المعاني فيها.
-        الخاتمة: وفيها أهم نتائج الدراسة، وما يمکن أن تدفع به من توصيات.
 وبعد : فهذا عمل قصدته فکرا ومنهجا ومعايشة لکتاب الله عز وجل في صحبة سورة هود وأخواتها، أسأل الله صدق العمل وإخلاص النوايا، والله من وراء القصد .                                
الباحثة
 

الكلمات الرئيسية