روح القضاء وأثرها في نقد القاضي الجرجاني(ت392ه)

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

في کلية اللغة العربية بجرجا ـ جامعة الازهر

المستخلص

يعد کتاب الوساطة للقاضي الجرجاني من أهم المؤلفات النقدية التي ألفت في القرن الرابع الهجري، کما أنه من خيرة الکتب المنهجية؛ لأن القاضي الجرجاني لم يقصر عمله فيه على دفاعه عن المتنبي، وإنما تعرض فيه لقضايا کثيرة في النقد الأدبي، وهي مجتمعة تبين لنا منهجه التکاملي في التأليف؛ بما تحويه من نظرات نقدية فنية أو تاريخية أو نفسية .([1]) وتطرقه لتلک القضايا لم يأت من فراغ؛ فقد جره إليها انقسام نقاد عصره في نظرتهم لأبي الطيب المتنبي؛ فمنهم فريق يناصر الشاعر؛ فيعجب بکل ما يقوله، وفريق آخر يتصيد له الأخطاء ويتغاضى عن حسناته؛ ولهذا يتفق الکثير من الدارسين على أن کتاب الوساطة من أکثر الکتب اعتدالا وأکثرها بعدا عن التعصب للشاعر أو عليه، والعنوان يمثل بحق الدراسة قلبا وقالبا؛ إذ أن المؤلف لم يبخسه حقه، ولم يحاول إنزاله من مکانته اللائقة به بين فحول شعراء العربية عامة والمعاصرين له خاصة، کما أنه لم يدع له العصمة ؛ فأثبت ما وقع فيه من عيوب وهنات، التي شأنه فيها شأن کل الشعراء المحدثين، فالاعتدال والوسطية سمة غالبة على کل ما يصدره القاضي الجرجاني من أحکام بل وتظهر حتى في تعليقاته وتعقيباته على بعض القضايا التي أثارها .([2])
ومن ثم فإن روح القضاء واضحة في کتاب الوساطة، واضحة في المنهج، وواضحة في الأسلوب، روح القضاء هي العدل والحذر والتثبت، روح قريبة النسب إلى الروح العلمية، بل نحن لا نرى بين الروحين فرقا، فهما من معدن واحد، کما أن مظاهرهما واحدة .([3])
والمطلع على نصوص الوساطة، يرى روح القضاء التي يحاول من خلالها القاضي الجرجاني التوسط بين أبى الطيب وخصومه،  کل ذلک بروح مسئولة عن القيمة النقدية تجاه تقويم الشعر. يتبدى ذلک في طريقة معالجة القضية وطرحها، وتدلل عليها لغة القضاء المستخدمة في الکتاب؛ کما سيتضح ذلک من خلال الدراسة .                      
وقد کان من مظاهر تلک الروح القضائية أن بدا في أسلوب القاضي عبارات دلت على أسلوب أخلاقي رفيع، من خلال الإفصاح عما يراه صوابا، لکن بتواضع وعدم ادعاء؛ الأمر الذي دفع الدکتور محمد مندور إلى الإعجاب بلغته والثناء عليه بقوله : " هذه لغة نادرة المثال عند المؤلفين من قدماء العرب، أين هي مثلا من لغة رجل کالصولي أو قدامة أو ابن الأثير أو غيرهم من المدلين المعجبين المسرفين في الثقة في أنفسهم؟ هذه لغة عالم ثبت متواضع حذر دقيق، لغة جديدة بين النقاد، لغة رجل اتسعت معرفته فأدرک حدودها".([4])
من هنا حاولت الدراسة الوقوف على أثر وظيفة القضاء التي شغلها القاضي الجرجاني فترة من الزمن فيما عالجه من قضايا نقدية، وفيما جهر به من أحکام نقدية في وساطته بين المتنبي وخصومه من خلال کتابه ( الوساطة ) .
وذلک من خلال ذکر نماذج من عبارات القضاء الواردة في أسلوبه ضمن إجراءات القضية أو الحکومة کما عبر عنها القاضي في الکتاب بحسب ما تکشف عنه نصوص الوساطة؛ بما يعطي صورة مکتملة لتلک الإجراءات.
وقد جاءت الدراسة في مقدمة، وتمهيد، وثلاثة مباحث، وخاتمة، وفهرس للمصادر والمراجع، وفهرس لمحتويات الدراسة :
- المقدمة .
تمهيد: شخصية القاضي الجرجاني الوسطية وأثرها في نقده .
- المبحثالأول: شيوع المصطلح القضائي في مقدمة الوساطة(الدلالة والتوظيف).                                                      
- المبحثالثاني : روح القضاء وأثرها في ترسيخ مبدأ "العدالة النقدية" في الوساطة.                                                                      
- المبحثالثالث: روح القضاء وأثرها في إجراءات الوساطة النقدية عند القاضي الجرجاني. 
الخاتمة: وقد تضمنت أهم النتائج التي توصلت إليها الدراسة.
والله أسأل أن يلهمنا التوفيق والسداد، وأن يجعل هذا العمل مقبولا، وأن يتجاوز – سبحانه – عما فيه من خطأ أو زلل؛ فهو ولي ذلک والقادر عليه. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم في کل لمحة ونفس عدد ما وسعه الله العظيم .                                                 الباحث
 

الكلمات الرئيسية