البنى الصوتية والترکيبية للصور البيانية في الکلم النوابغ للإمام الزمخشري ت538هـ دراسة بلاغية تحليلية

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

مدرس البلاغة والنقد بکلية اللغة العربية بالمنصورة ـ جامعة الأزهر

المستخلص

فخَلْفَ أَکَمَة الحروف والألفاظ والتراکيب والتصاوير تکمن الأسرار والدلالات والإشارات والإيحاءات، فإذا ما سبرنا أغور النصوص، وتعمقنا لفائفها، وتسللنا بين سَداها ولُحمتها، أسفر النص عن أسراره، وباح بما في أغواره، فتحدَّرت المعاني من دوحة النص، تسيل مدرارةً غزيرةَ کُلَى الدلالات، وشآبيب الإشارات، وتزاد المعاني السيّالة، والدلالات الهَطّالة، کلما أحکم الأديب بنايته، وأجاد صناعته.
ومن يطالع کتاب: [الکلم النوابغ ـ للإمام الزمخشري583هـ] يراه قد ضم حِکمًا تمثل خلاصة تجارب الحياة. وعلى الرغم من أن نصوص تلک الحکم أتت في إيجاز، إذ لا تتجاوز کل حکمة سطرًا أو سطرين، إلا أن نصوص هذه الحکم نسجتها يد صَناع، ولا غرو في ذلک؛ فناسجها وبانيها، ومُحْدِث الصور في معانيها هو الإمام الزمخشري، المتبحر في فنون العربية، والذي تجرَّع من فکر الإمام عبدالقاهر الجرجاني فتضلع حتى الثُّمالة، ثم أتى في کشافه بالبلاغة التطبيقية للفکر البلاغي  للإمام عبدالقاهر .
ولقد اکتست معاني الکلم النوابغ من البنى الصوتية والترکيبية للصور البيانية ما يلائم المقام، ويوافق السياق، تبعًا لتنوع المقامات والسياقات. ولعل من أبرز ما يستلفت النظر، ويستوقف الخاطر في الکلم النوابغ، البنى الصوتية والترکيبية للصور البيانية؛ إذ استطاع الزمخشري بطاقاته التعبيرية، وملکاته البيانية أن يعبر عن مراداته في صور بيانية أسهمت في رسم لوحاتها بنى صوتية وترکيبية تحمل في مطاويها أسرارًا ودلالات وإشارات وإيحاءات، تنقل أصداء العالم الداخلي للمتکلم من ناحية، ومن ناحية أخرى تشکِّل جوقةً من القيم الصوتية والترکيبية والتصويرية تعزف جميعها لحنًا دلاليًّا متناغمًا، يخاطب خاطر المتلقي، ويحاور وجدانه، ويقنع عقله.
لقد استطاع الناثر ـ باقتدار ـ أن ينظم أفکاره ومعانيه في صور بيانية، دقيقة النظم، محکمة السبک، فخرجت الصور في نظم بديع کالعقد الذي نظمته يد صَناع، لا تستطيع أن تستغني عن حبة منه، ولا أن تضع واحدة مکان الأخرى، فلکل حبة صبغ دلالي لا يؤديه غيرها ولا شبيهها، فأتت الصورة المعنوية وقد تفجرت بين مرفأي التأمل ومعاودة النظر ينبوعًا ثجاجًا بالدلالات، فالبنى الترکيبية والصوتية والتصويرية، کل ذلک ذاب في بوتقة السبک فخرج لنا أدبًا خالدًا يشهد بالسبق والعبقرية.
هذا، وقد دفعني لاختيار هذا الموضوع أمور، أهمها:
ـ أن صاحب الکلم النوابغ بلاغي ونحوي وشاعر وناثر ولغوي ومفسر... فأردت أن أقف على أثر موسوعية الثقافة العربية في بلاغة أدبه، بل في لون أدبي کثيرًا ما يغض بعض البلاغيين الطرف عنه.
ـ الخَصوصيات البلاغية التي اعتبرها الزمخشري في تشکيل البنى الصوتية والترکيبية التي رسمت لوحات صوره البيانية.
ـ جدَّة الموضوع، فلم أقف على أي دراسة بلاغية سابقة تناولت الکلم النوابغ.
وتکمن مشکلة البحث في: أن البنى الصوتية والترکيبية للصور البيانية في الکلم النوابغ تنوعت بتنوع المقامات والسياقات، فکانت الحاجة ماسة لدراسة بلاغية تحليلية تتعمق الصورة اللفظية للوقوف على النکات البلاغية والأسرار الدلالية للتعابير؛ للإجابة على أسئلة أهمها: هل اعتبر الناثر في أبنية صوره البيانية مع ما يؤدي به أصل المعنى المراد خَصوصيات بلاغية ملائمة للمقامات والسياقات المتنوعة؟ وما تلک الخصوصيات؟ وما الأسرار الکامنة وراءها؟ وهل أثَّر الإيجاز في بناية الصور البيانية على الوفاء بحق المعنى؟
وتهدُف الدراسة إلى: الوقوف على الأسرار البلاغية، والنکات التعبيرية للبنى الصوتية والترکيبية للصور البيانية في الکلم النوابغ.
هذا، وقد جاءت دراستي هذه تحت عنوان: [البنى الصوتية والترکيبية للصور البيانية في الکلم النوابغ للإمام الزمخشري ت538هـ ـ دراسة بلاغية تحليلية].
واقتضت طبيعة هذه الدراسة أن تخرج في مقدمة، وتمهيد، وثلاثة مباحث، وخاتمة، وفهارس، وبيان ذلک کما يلي:
مقدمة ، وتضم أهمية الموضوع، وأسباب اختياره، والدراسات السابقة، ومشکلة البحث، وکيفية تقسيمه، والمنهج المتبع في دراسته.
ثم تمهيد وعنوانه: الزمخشري، وکتابه، وتحرير المصطلحات.
ثم تأتي المباحث الثلاثة على النحو التالي:
المبحث الأول: البنى الصوتية والترکيبية للصورة التشبيهية، وفيه مطلبان:
المطلب الأول: البنى الصوتية والترکيبية للتشبيه الضمني.
المطلب الثاني: البنى الصوتية والترکيبية للتشبيه الصريح.
المبحث الثاني: البنى الصوتية والترکيبية للصورة الاستعارية، وفيه مطلبان:
المطلب الأول: البنى الصوتية والترکيبية للاستعارة المفردة.
المطلب الثاني: البنى الصوتية والترکيبية للاستعارة التمثيلية.
المبحث الثالث: البنى الصوتية والترکيبية للصورة الکنائية.
ثم الخاتمة، وفيها أهم النتائج.
أما عن المنهج، فقد اتبعت هذه الدراسة المنهج الوصفي التحليلي . هذا، وأسأل الله ـ تعالى ـ أن يجعل هذا العمل خالصًا لوجهه الکريم، وأن يجعله في الميزان يوم تنصب الموازين، وأن يرزقني التوفيق والسداد والرشاد...

الكلمات الرئيسية