النزغة الشيطانية في شعر الصعاليک « دراسة تحليلية فنية »

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

قسم الأدب والنقد بکلية اللغة العربية بأسيوط

المستخلص

فلا شک أن شعر الصعاليک قد تبوأ مکانة عالية في تاريخ الأدب العربي منذ العصر الجاهلي ، وما بعده من عصور ؛ لما فيه من خصائص فنية عالية شغلت کثيرًا من النقاد والباحثين .
 
        وقد تحدث الدکتور / يوسف خليف عن هؤلاء الشعراء ، وذلک في کتابه : «الشعراء الصعاليک في العصر الجاهلي»([1]) ، وکذا الدکتور / عبد الحليم حفني في کتابه : «شعر الصعاليک منهجه وخصائصه الفنية»([2]) وکان حديثهما عامًا تلمح فيه الإشادة بحياة هؤلاء الصعاليک وشعرهم .
 
        وقد کثر الحديث عن الشعراء الصعاليک خاصة في تاريخ الأدب الجاهلي ، وکنت أحاضر هذه المادة ، فأثار انتباهي اهتمام کثير من الأدباء والنقاد بالثناء على أخلاق هؤلاء الشعراء الصعاليک ، والإفراط في وصفهم بالکرم ، والشجاعة ، والمروءة ، والنزعة الإنسانية ، فقلت : لمَ هذه النظرة المقدسة لأخلاق هؤلاء الصعاليک ؟ فکيف لو کانوا ملائکة بين البشر ؟
        وقد وقر في ذهني أن الأصل في الصعلوک هو الشر والفساد ، وهذا ما أقرته لي المعاجم العربية([3]) فلم تهافت الباحثون ومؤرخوا الأدب العربي حول الجوانب المضيئة في شعر الصعاليک ، وترکوا جوانبه المظلمة مع أنها هي الأصل؟
 
        ومنذ ذلک الحين وقد تتبعت شعر هؤلاء الصعاليک بالبحث والتنقيب؛ للکشف عن جوانبه المظلمة بالشرِ والفساد على الرغم من صعوبة ذلک عليَّ ؛ لما امتاز به هؤلاء الشعراء من مکر ودهاء في إخفاء فسادهم وجرائمهم ، فکثيرًا ما يتحدثون عن الفقر ومذلته ونفور الناس منه؛ حتى يلتمس لهم العذر في سطوهم على أموال الأغنياء وأکلها بالباطل .
 
        کما أنهم کثيرًا ما يتحدثون عن کرمهم وتکافلهم الاجتماعي ، وشجاعتهم وسرعة سطوهم ، ومروءتهم ؛ لإخفاء ما اشتهروا به بين القبائل من الشر والفساد ؛ حتى خلعوا من قبائلهم على رؤوس الأشهاد في محافل العرب وأسواقهم .
 
        وهم يتکرمون على بعضهم ، ويکفلون ضعفاءهم ؛ إحياءً للصعلکة ؛ حتى تنتشر بين أفراد المجتمع ، وأي قيمة للکرم إذا کان الکريم لا يحترم ملکية الآخرين فيسطو عليها ويجود منها على غيره؟
 
        وأي قيمة للشجاعة والمروءة في الغدر بالأبرياء وسفک دمائهم وأعراضهم في ظلام الليل البهيم ؟

الكلمات الرئيسية