أطياف ما بعد الحداثة في نص السيرة الذاتية أثقل من رضوى في الميزان

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

جامعة الأزهر

المستخلص

يعد فن السيرة الذاتية أحد الفنون القصصية التي عرفها العرب منذ القدم، يتشابک فيه النسيج الأدبي مع السياق التاريخي، لتسجيل خلاصة تجربة حياتية لشخص ما، فهو کتابة استرجاعية، يستعيد فيها الکاتب، فى الغالب، مراحل حياته منذ لحظة الميلاد وحتى لحظة الکتابة، وبخلاف فنون القص الأخرى، يکتسب السرد في السيرة الذاتية طابع الحميمية بين السارد والقارئ، مما يعزز روح التفاعل بين القارئ والنص، ويثري آفاق الإبداع في عملية التلقي.
وکغيره من الفنون السردية، خضع فن السرة الذاتية لتنظيرات المناهج النقدية في مراحلها المختلفة، وآخرها مرحلة ما بعد الحداثة، والتي بدأت مع ستينيات القرن العشرين، حيث تجاوزت ترکيز العملية النقدية على مضمون العمل الأدبي، وأفادت من اجتهادات الشکلانيين الروس، وتنظيرات البنويين على تنوعها، ما بين البنيوية اللسانية، والتکوينية، فضلا عن النقد الموضوعي والسيميائي، وقد أفرزت هذه المناهج علمًا نقديا يعنى بتقنيات عملية القص، فيما يسمى بعلم السرد. ويعنى هذا العلم بتحليل العمل القصصي کخطاب متکامل، تتنظم فيه مختلف عناصر السرد في بنية واحدة، لا تفصل الشکل عن المضمون، ولا تعنى کثيرًا بالفصل بين الأجناس الأدبية.
ويعد "أثقل من رضوى" صورة لأحد منجزات سرد ما بعد الحداثة؛ فهو مقاطع من سيرة الروائية رضوى عاشور، انتهجت فيها تقنيات السرد الجديد؛ فاعتمدت على تخليق فجوات في النص تقطع التسلسل الزمني للأحداث، وتفسح المجال للمتلقي ليملأ تلک الفجوات من وحي خياله، فيدلي بدلوه في إبداع النص. وقد سمحت لها هذه الفجوات بکسر منطقية العرض، وتنشيط قانون التداعي الذي يستدعي دائرية الزمن في عرض الأحداث، الأمر الذي يجعل من النص مزيجا من أطياف ملونة، يُعمل فيها القارئ خياله ليرسم صورته بريشته الخاصة، فکان عنوان الدراسة: "أطياف ما بعد الحداثة في نص السيرة الذاتية، أثقل من رضوى في الميزان"
وقد وقع الاختيار على هذا النص لأسباب عدة، منها الرغبة في الإفادة من تجربة السيرة الذاتية النسائية، ومع مطالعة العديد من السير النسائية، العربي منها والمترجم، رجحت کفة هذا النص لکونه صادرًا عن کاتبة مصرية، وأستاذة جامعية، تتقاطب في همومها مع الکثير من الباحثات، فضلا عن الباحثين، من أساتذة الجامعات المصرية. ولها أسلوبها المميز والملتزم في طرح قضاياها، التي لم تُعن فيها بتصوير المرأة ککائن أنثوي في مواجهة الرجل، بل جعلتهما معا کيانا متکاملا ينهض بالمجتمع، کما أن السيرة جعلت جل أحداثها في مرحلة ما بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير، محاولة رصد التحولات التي طرأت على المجتمع في تلک الفترة، سواء في أروقة الجامعة، أو في الساحات والميادين العامة، وتعد هذه المحاولة الأولى لرصد تلک المرحلة في فن السيرة الذاتية، مما أغرانا بالتصدي لتحليلها.

الكلمات الرئيسية