الجنوح إلى الاستحسان والاستخفاف في الإبدال عرضًا وتحليلًا

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

کلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنات بسوهاج

المستخلص

فعلم النحو والتصريف من أهم علوم العربية التي عني بها المسلمون في صدر الإسلام ، و على مر العصور لما لها من الأثر في تقويم اللسان، وصيانة اللغة العربيــة مـن التحريف ، وتوجيـه معاني القرآن الکريـم ، والحديث النبوي الشريف ، وفهم نصوص الشعر والنثر .
ولما کان لعلم التصريف قدره وشرفـه قال عنه ابن عصفور : " لتصريف أشرف شطري العربية وأغمضها ، فالذي يبين شرفه احتياج جميع المشتغلين باللغة العربية من نحوي ولغوي إليه أيما حاجة ؛ لأنه ميزان العربية ؛ ألا ترى أنه قد يؤخذ جزء کبير من اللغة  بالقياس ، ولا يوصل إلى ذلک إلا من طريق التصريف نحو قولهم : کل اسم في أوله ميم زائدة مما يعمل به وينقل فهو مکسور الأول ، نحو : مطرقة ومروحة ، إلا ما استثني مـن ذلک ، فهذا لا يعرفه إلا من يعلم أن الميـم زائدة ، ولا يعلم ذلک إلا من جهة التصريف ، و مما يتبين أيضًا أنه لا يوصل إلى معرفة الاشتقاق إلا به ، إلا ترى أن جماعة من المتکلمين امتنعوا عن وصف الله سبحانه وتعالى بـ ( حنان ) أنه من الحنين ، والحنة من صفات البشر الخاصة بهم تعالى الله عن ذلک ، والذي يدل على غموضه کثرة ما يوجد من السقطات فيه لجلة العلماء ؛ ألا ترى ما يحکى عن أبي عبيد من أنـه قال في مندوحة من قولک : " مالي عنه مندوحة " أي متسع : إنها مشتقة من انداح ؟! وذلک فاسد ؛ لأن انداح ( انفعـل ) ونونه زائـدة ، ومندوحة (مفعولة ) ونونه أصلية ، إذ لو کانت ( منفعلة ) وهو بناء لم يثبت في کلامهم ، فهو على هذا مشتق من الندح ، وهو جانب الجبل وطرفه ، وهو إلى السعة ، وقد کان ينبغي أن يقدم علم التصريف على غيره من علوم العربية إذ هو معرفة ذوات الکلم في أنفسها من غير ترکيب ، ومعرفة الشيء في نفسه قبل أن يترکب ، ينبغي أن تکون مقدمةً على معرفة أحواله التي تکون له بعد الترکيب إلا أنه أُخر للطفه ودقته ، فجعل ما قدم عليه من ذکر العوامل توطئةً له ، حتى لا يصل إليه الطالب ، إلا وهو قد تدرب وارتاض للقياس " ([1]) .

الكلمات الرئيسية