آراء السيوطي البلاغية في کتاب المزهر في علوم اللغة وأنواعها استخراجا وتصنيفا وتعقيبا

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

الأستاذ المساعد بکلية اللغة العربية بجرجا والأستاذ المساعد بکلية الآداب والعلوم في وادي الدواسر بجامعة سلمان بن عبدالعزيز بالمملکة العربية السعودية

المستخلص

فغني عن البيان: أن علم البلاغة له نصيب الأسد في کشف أسرار القرآن الکريم والتنقيب عن وجوه إعجازه وإماطة اللثام عن لطائفه ،وهذا ما جعل العلماء يعکفون على دراسته، يصلون الليل بالنهار؛ ليخرجوا لنا تراثا علميا زاخرا.
وکان من بين هؤلاء العلماء الأفذاذ ، الإمام السيوطي الذي کثرت حوله الدراسات في معظم فروع اللغة ، فمنها من درسه مفسرا ، ومنها من درسه لغويا، ومنها من درسه فقهيا ، ومنها من درسه أديبا، أما کونه بلاغيا – بالرغم من کثرة الدراسات في هذا الجانب - ، فما زال يحتاج إلى کثير من الدراسات التي تظهر شخصيته البلاغية ؛ ليصنف ضمن علماء البلاغة البارزين .
من أجل هذا وذاک شمَّر الباحث عن ساعده - مستعينا بالله- ؛ ليکَّون  لبنةً في صرح الإمام السيوطي البلاغي، ويکشف النقاب عن بعض مؤلفاته التي تحتاج إلى جهود کثير من الباحثين ؛ ليخرجوا ما فيها من مسائل بلاغية ، تساهم في بناء الصرح البلاغي.  
وأخذ الباحث يقرأ في شخصيته ، ويتصفح  بعض عناوين مؤلفاته التي اختلف العلماء في عددها، حيث ذکر السيوطي في کتابه " حسن المحاضرة "، أن مؤلفاته بلغت ثلاثمائة کتاب سوى ما غسله ورجع عنه([1]).
وفي کتابه الآخر " التحدث بنعمة الله"، بلغت ثلاثمائة وخمسين کتابا ، وما لم يتمه ثلاثة وثمانين([2]).
غير أن آخر إحصائية لکتبه بلغت ألفًا ومائة وأربعًا وثمانين مؤلفًا ، توصل إليها الباحث إياد خالد الطباع([3])، الذي أوضح أن المطبوع منها ( 331) مؤلفًا ، والمخطوط (431)، والمفقود أو مجهول المکان ( 432) مؤلفًا([4]).
وکل هذا التراث الجم الکبير يحتاج من الدارسين أن يقفوا أمامه ؛ ويزيلوا الغبار الذي علق به ، ويخرجوا ما فيه من علم هذا الرجل العظيم ، فأراد الباحث أن يسهم في هذا السباق ، فوقع اختياره علي کتابه " المزهر في علوم اللغة وأنواعها "، وجاءت الدراسة تحت عنوان " آراء  السيوطي البلاغية في کتاب  المزهر في علوم اللغة وأنواعها" استخراجا وتصنيفا وتعقيبا ".
وتأتي طرافة اختيار الباحث لهذا الکتاب – بخاصة- من بين کتبه ؛ أن الکتاب کتاب لغوي من الدرجة الأولى ، ولا يتوقع أحد أن يکون للسيوطي فيه مسائل بلاغية تفي بدراسة کاملة، ، فاستحضر الباحث النية ، وعقد العزم على قراءة هذا  الکتاب- الذي يتکون من مجلدين ، کل مجلد يتجاوز الستمائة صفحة – ؛ لاستخراج ما فيه من مسائل بلاغية .
کما تأتي أهمية هذا الکتاب في کونه يجمع جهود العلماء القدامى ، فضلا عن أنه ذکر ما يتعلق بالظواهر اللغوية المتعلقة بالمستويات الأربعة ، ففيه ظواهر صوتية ، وظواهر صرفية، وظواهر نحوية ، وظواهر دلالية.
أما عن منهج الباحث في هذه الدراسة ، فإنه يکمن في التالي:
أولا: اعتمد الباحث في الدراسة على کتاب " المزهر في علوم اللغة وأنواعها " للعلامة عبدالرحمن جلال الدين السيوطي ، شرحه وضبطه وصححه وعلق حواشيه: محمد أحمد جاد المولى بک ، ومحمد أبو الفضل إبراهيم ،وعلى محمد البجاوي، مکتبة دار التراث، الطبعة الثالثة، من دون.
ثانيا: قرأ الباحث الکتاب قراءة متأنية، تتسم بالدقة والتروي والتمعن ، لاستخراج المسائل البلاغية للسيوطي من بين ثنايا سطور کلامه ، لأنه لم يفرد لها عناوين خاصة إلا في القليل النادر ، وإنما کان يأتي کلامه عن البلاغة في أثناء حديثه عن اللغة ، مما کان يتطلب من الباحث ، ويفرض عليه نوعًا من التمهل، ويلزمه أن يعاود القراءة مرة بعد أخري ، وکان الباحث دائما يشبه نفسه بمن يقتطف الورد من بين الشوک ، خوفا من أن يکون قد انتصر لنفسه وحمل کلام الإمام السيوطي ما لا يحتمل؛ لتکتمل فکرة البحث، وخوفا من أن يترک الورد متناثرا بين الشوک ، ويعود بعد کل هذه القراءة التي استغرقت منه وقتا طويلا ؛ ليقرر بأن الکتاب لا يحمل مسائل بلاغيةً تفي بهذه الدراسة.
ثالثا: صنف الباحث ما استخرجته من کلام السيوطي عن البلاغة على حسب علومها الثلاثة ، واتبع في ذلک منهج الخطيب ، من تقسيمها إلى معان وبيان وبديع، ووضع کل کلام تحت ما يناسبه.
رابعا: قسم الباحث کلامه في کل مسألة من المسائل إلى محاور أو عناصر ؛ لأن کلامه کان يأتي عن المسألة الواحدة في أماکن متعددة من کتابه، وکان في کل مکان يتحدث عن جزئية قد لا تتعلق بالتي قبلها، من أجل ذلک قسم الباحث کلامه؛ ليسهل عليه الربط بين هذه الجزئيات.
خامسا: أعقب الباحث کلامه بشيء من التعقيب، قد يکون توضيحًا لبعض کلامه، أو تعضيدًا لکلامه بکلام غيره من البلاغيين، أو ترجيحا لرأي ذکره ، أو بيانا لمقصده من الکلام الذي قد يفهم خطًأ([5])، أو تعريفًا لبعض الألوان البلاغية الغامضة.
سادسا: عزى الباحث الآيات القرآنية والأحاديث النبوية إلى مصادرها ، مع ضبطها بالشکل من باب إتمام الفائدة.
وقد جاءت الدراسة في مقدمة، وتمهيد، و ثلاثة مباحث ، وخاتمة ، وفهرس للمصادر والمراجع:
فأما المقدمة: فبينت فيها أهمية الموضوع، وسبب اختياري له ، والمنهج وخطة الدراسة.
وأما التمهيد: فجاء على شقين:
الشق الأول: نبذة عن السيوطي .
الشق الثاني: نبذة عن کتابه" المزهر في علوم اللغة وأنواعها".
وتناول المبحث الأول: المسائل البلاغية للسيوطي في علم المعاني.
وضم المبحث الثاني: المسائل البلاغية للسيوطي في علم البيان.
واشتمل المبحث الثالث على: المسائل البلاغية للسيوطي في علم البديع.
وأما الخاتمة: ففيها أهم النتائج التي توصلت إليها هذه الدراسة.
وبعد : فإن وفقت في إظهار شخصية الإمام السيوطي البلاغية ، فهذا من فضل الله وکرمه ، وإن کانت الأخرى فمني ومن الشيطان ، والله ورسوله والسيوطي منه برآء ، ويجب عليَّ الاعتذار إن کنت فهمت کلامه فهمًا خاطئًا وحملته ما لا يحتمل.
 
                                                            الباحث
 
 
 
 
 
 
 

الكلمات الرئيسية