( بين الحمل على المعنى والصناعة النحوية ) عند أبي حيان الأندلسي في کتابه التذييل والتکميل (من الجزء الأول إلى الجزء السادس)

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

جامعة الأميرة نورة بنت عبد الرحمن

المستخلص

فقد رأيت کثيراً من الأحکام العامة التي سرت بين طلاب العلم مسرى النار في الهشيم، والتي تدور حول أحکام النحو، وأنها صناعة لفظية، وأن النحاة قوم لفظيون، وهذه الدعوى تخرج النحو عن طبيعته، وتبعده عن منهجه.
والذي لا شک فيه أن علماء العربية أمثال الخليل، وسيبويه، والفراء، والسيرافي، وأبي علي، وابن جني،...وغيرهم، ينطوي علمهم على أصول فکرية واعتبارات عقلية تقف عند المعنى، وتراعي حدوده، فلا تتجاوزه، ولا تغيب عنه، وقد عقد أبو الفتح ابن جني باباً سماه:(بابٌ في الرد على من ادعى على العرب عنايتَها بالألفاظ وإغفال المعاني) بدأه بقوله: "اعلم أن هذا الباب من أشرف فصول العربية،  وأکرمها وأعلاها وأنزهها، وإذا تأملتَه عرفتَ منه وبه ما يؤنِقک ويذهب في الاستحسان له کلَّ مذهب بک، وذلک أن العرب کما تُعْنَى بألفاظها فتصلحها وتهذِّبها وتراعيها، وتلاحظ أحکامها بالشعر تارة، وبالخُطَب أخرى.... فإن المعاني أقوى عندها، وأکرم عليها، وأفخم قدراً في نفوسها، فإذا رأيت العرب قد أصلحوا ألفاظها وحَسَّنوها، وحَمَوْا حواشيَها وهذَّبوها، وصَقَلوا عزوبها وأرهفوها، فلا تَرَيَنَّ أن العناية- إذ ذاک- إنما هي بالألفاظ، بل هي عندنا خدمة فهم للمعاني، وتنويه وتشريف"([1]).
ومع هذا وجدنا تلک الدعاوَى التي تزعم أن هناک تعارضًا بين المعنى والصناعة النحوية، وأن الصناعة قد تفرض أمراً يرفضه المعنى، وقد يفرض المعنى شيئاً ترفضه الصناعة.
 وإن کان ابن جني قد وضح المسألة في باب "بابٌ في الفرق بين تقدير المعنى وتفسير الإعراب"([2]).
ولهذا فقد رأيت الحاجة إلى بحث هذه المسألة، وقد اخترت أبا حيان موضوع الدراسة في کتابه (التذييل والتکميل) (ستة أجزاء)؛ إذ يمثل أبو حيان اکتمالَ العقلية النحوية ونضجَها في القرن الثامن الهجري، وهو مما دعاني إلى فحص (الصناعة النحوية والمعنى) عنده؛ لأکشف عن موقف أحد أشهر النحاة من (الصناعة والمعنى)، والذي يتجلى فيه حقيقة المصطلحَيْن عند النحاة ومعالجتهما العلمية لهما.
 

الكلمات الرئيسية