أبْجَدِيَّاتُ الشَّکْلِ أداةً وأداءً وَدَلالَةَ فِي ضَوْءِ الدِّرْسِ السيميو لِسَانِيّ

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

أستاذ أصول اللُّغَة المساعد بجامعة الأزهر

المستخلص

          الْحَمْدُ لله، خَالَق الْأَلْسُن وَاللُّغَاتِ، وَاضِع الْأَلْفَاظِ لِلَمَعَانِي بِحَسْب مَا اِقْتَضَتْه حِکَمَهُ الْبالِغَات. وَالصَّلاَةُ وَالسّلامُ عَلَى مَنْ تَکَلَّمَ بِجَوَامِع الْکَلِمِ وَمُوجِز الْبَيَان.
7مُشْکِلَةُ الدِّرَاسَةِ.
           الْبَيَانُ بِلَا لِسَانٍ صُورَةَ مَنْ صُوَرِ التعبيرِ الَّتِي يُقَومُ بِهَا البشر لَا تَنْفَکُّ عَنْهُمْ؛ اِنْطِلاقًا مَنْ أَنَّ اللُّغَةَ؛ هي دَالَّاتٍ وَمَدْلُولَاتٍ تکوّن الْمَفَاهِيمُ دَاخِلُ الْعقلِ، وَلَيْسَتْ مُجَرَّدُ تَکْوينَاتٍ مَادِّيَّةٍ أَزَلِيَّةٍ خَارِجَةٍ([1]).
          وَمَنْ – هُنَا- فَنُقِل الْأَفْکَار وَالْمَعَانِي لَا يَقْتَصِر عَلَى اِسْتِخْدامِ اللُّغَةِ الْمَنْطُوقَةِ([2]) فَقَطّ، بَل هُنَاک وَسَائِل أُخْرَى يَسْتَخْدِمُهَا الْإِنْسان، أَو تَصْدِر عَنْه؛ يَتَم مَن خِلَالَهَا الْاِتِّصَال وَالْوُقُوف- مَن خِلَالَهَا- عَلَى الدَّلالَات وَضَمِنِيَاتِهَا، وَالْمَعَانِي وَظِلالَهَا.
           إِنّ جَرَّة قَلَم أَو إِمْضاء أَو رسمة مَا؛ تَحَمُّل فِي طياتها الْعَدِيد مَن الدَّلالَات وَالْمَعَانِي، وَتَبْقَى هِي الْمُنَفِّذ الصَّادِق لِتَشْخِيص نَفْسِيَّة الْإِنْسان وَطَبْعَه([3]).
        وَفِي الْحَقِيقَة أَنّ هُنَاک رَسَائِل کَثِيرَة غَيْر لَفْظية نُقِلْت وَلَا زَالَت تُنْقِل، وَتَکَوُّن فِي الْغَالِب مَن طَابَع الْمَشَاعِر والأحاسيس وَالْعواطف، بَيْنَما يَکْوُنّ الْاِتِّصَال اللَفْظي فِي الْغَالِب لِلتَّعْبِير عَن الأفکار وتبادل المعارف([4]).
          فهناک أمور يسترها بعضُ الناس عن بعض، فلولا الإشارة لم يتفاهم الناس معنى خاص الخاص([5]).
           وهذه وغيرها تکاد تکون أکثر من تلک التي نتبادلها من خلال الاتصال اللَّفْظِيّ –خاصة- في التواصل مع أصحاب الاضطرابات النطقية.     
7أهميَّةُ الدِّراسَة.
تکمن أهميَّةُ هذه الدِّراسَة فيما يأتي:
أولًا: إضافَة لبنة جَدِيدَة فِي مَجَال السيميولِسَانِيّ ، وَهُو مَجَال يَحْتَاج إِلَى اِلْتِفاتَة أکَادِيمِيّة مَن قَبْل الْبَاحِثِين فِي جَامِعَاتِنَا([6]).
ثانيًا: حاجَة لُغَتِنَا الْمَاسَّة إِلَى تَسْلِيط الضَّوْء عَلَى الْجَوَانِب التَّواصُلِيَّة غَيْر اللِّسَانِيَّة الْمُسْتَخْدِمَة لَدَى الْحَضَاَرَات الْمُخْتَلِفَة، مِمَّا يَجْعَل مَوْضُوع الدَّرَّاسَة مَن الْمَوْضُوعَات الْأَسَاسِيَّة الَّتِي يَجُبّ الْبَحْث فِيهَا.
7أهداف الدِّراسَة .

لَفت اِنْتِباه الْبَاحِثِين إِلَى حَقْل يَمکن الْاِنْطِلاق مِنْه فِي اِخْتِيَار مَوْضُوعات جَدِيدَة تُلَبِّي طَمُوحَهُم وَتَفَتُّح لِهُم آفاقا جَدِيدَة فِي الدِّرْس اللِّسَانِيّ.
تأصيل حلقة من أهم حلقات الاتصال الإنساني؛ وهو ما يعرف بالتواصل شبه اللُّغويّ، أو الصامت، يقول الجاحظ (تـ 255هـ): «ومتى دل الشيء على معنى فقد أخبر عنه وإن کان صامتا، وأشار إليه وإن کان ساکتا. وهذا القول شائع في جميع اللغات، ومتفق عليه مع إفراط الاختلافات([7])».

 وفي هذا الإطار؛ يقول فتجنشتين: «إن ما لا يستطيع المرء أن يتکلم عنه لا بد له من أن يحيطه بالصمت»([8]).

الوقوف على أثر العادات والتقاليد والثقافة في عملية التواصل الإنساني في الحضارات المتنوعة، کثمرة  للقاء علم اللُّغَة مع علم الأنثروبولوجي([9]).

 

الكلمات الرئيسية