البعد عن الاستهجان وأثره في اختيار المفردة في القرآن الکريم والسنة النبوية ( ألفاظ العلاقة الحميمة نموذجاً )

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

المدرس في قسم أصول اللغة بکلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنات بالمنصورة

المستخلص

فاللغة مرآة الشعوب ، وعنوان المجتمع وثقافته ، فکلما تقدم المجتمع وحافظ على القيم والمبادئ ، ارتقت لغته وازدهرت ، واتسمت بالسمو والارتقاء والتهذيب ، وعلى العکس من ذلک تماما کلما تأخر المجتمع ، وضاعت منه القيم والتقاليد النبيلة ، انحطت اللغة وابتذلت ، وأصابها ما أصاب المجتمع ؛ لأن اللغة کأي کائن اجتماعي تتأثر تأثراً کبيراً بالحضارات ، والقيم ، والتعليم ، والدين ، والثقافة ، إلى غير ذلک من أمور الحياة الاجتماعية،بل إن الاتجاهات النفسية تؤثر في التعبيرات اللغوية 0
ومن القضايا التي اعتنى بها القرآن الکريم والسنة النبوية ، وأولوها اهتماماً کبيراً ، قضية الحشمة  ([1]) في التعبير ، والأدب في انتقاء الألفاظ ، والسمو في اختيار المفردات ، والرقي في الألفاظ ، والبعد عن الألفاظ المستهجنة ، بالإضافة إلى الجانب الدلالي الذي جاء على أحسن ما يکون ، ومن ثم نجد القرآن والسنة النبوية جمعا بين الحسنيين : السمو باللفظ ، ودقة التعبير عن المعنى ، هذا في جميع الموضوعات عامة ، والموضوعات المتعلقة بالعلاقة الحميمية خاصة ، فاستخدم القرآن والسنة ألفاظا غاية في السمو ، والرقي ، والأدب ، والحشمة ، والوقار في تعبيرهما عن هذه العلاقة ، مع بيان المعنى الدلالي المطلوب ، ولذلک لجئا إلى ، المجاز ، والکناية ، والاستعارة في التعبير عن تلک العلاقة ، للمحافظة على الشعور ، والحياء ، والذوق کما أکثر القرآن الکريم والسنة النبوية من استخدام ألفاظا متعددة للتعبير عن تلک العلاقة الحميمية ؛ تجنبا لاستخدام ألفاظا يستقبح ويستهجن ذکرها ، وتأباها النفوس ، بسبب دلالتها الصريحة  على تلک العلاقة ، ومن عادة القرآن الکريم والسنة النبوية ، اختيار الألفاظ الفاضلة التي يرغب فيها السامع ، ولا يخجل منها المتکلم ، فيترک کلّ ثقيل في النطق ، وعلى الأسماع ، والمزاج ، والطّباع ، إلى کل لفظ خفيف على النّفوس ، لا تنفر منه الأسماع ، ولا تخجل منه الطّباع .
وقد تأثرت العربية عامة ، والشعر ، والنثر خاصة ، بهذا الأدب الإسلامي الرفيع ، والسمو الأخلاقي ، فأکثرت من استخدام المجاز ، والکناية ، والاستعارة ، في تعبيراتها عن هذه العلاقة الحميمية ، بعد أن کان الشعر الجاهلي يشتمل على ألفاظ صريحة ، وقوية ، بل مکشوفة أحيانا ، في وصف هذه العلاقة ، فأصبح اللغويون والشعراء يلتمسون الحشمة والأدب في التعبير، وخاصة فيما يتصل بالألفاظ الجنسية  ، لکن مع مرور الزمن ، تبدل الحال ، وتغيرت الأوضاع ، وابتذلت اللغة ، وفشت الألفاظ المستهجنة ، وانتشرت الألفاظ المستقبحة ، انتشاراً يجب الوقوف أمامه ومحاربته ، ومن ثم فقد عزمت الأمر، وتوکلت على الله لدراسة هذا الموضوع ، وأسميته : البعد عن الاستهجان وأثره في اختيار المفردة في القرآن الکريم والسنة النبوية  ( ألفاظ العلاقة الحميمة نموذجاً )



 

الكلمات الرئيسية