القصص القرآني وأثره في الآداب الغربية ( الأديب غوته أنموذجا )

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

جامعة حائل

الكلمات الرئيسية


یقول الله تعالى فی کتابه الکریم :" نَحْنُ نَقُصُّ عَلَیْکَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَیْنَا إِلَیْکَ هَذَا الْقُرْآَنَ وَإِنْ کُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِینَ " {یوسف ، 3}

شکل  القرآن الکریم وما یزال یشکل تحدیا فی ابتکار شکله وأسلوبه , بروعة صوره, وعمق معانیه وبلاغة أدائه , هذا الکتاب المعجز الذی لم  یقف تأثیره على العرب والمسلمین , بل تعداه بما علیه من حلاوة وما له من طلاوة إلى المعاندین والمکابرین , حتى وقف أعلام الأدب الغربی مبهورین بروعة خیاله, ودقة  معانیه , وثراء صوره , وشکل لکثیر منهم عوالم لم یسبقوا إلی الوصول إلیها أو الولوج فیها .

ولما کانت القصة من الرکائز القویة التی تلبی رغبات العقل والوجدان عن طریق ما تحتویه من فکر ومغزى  ولغة وخیال ,ولما کان للقصة القرآنیة من قوة أثر فی النفوس و قوة سلطان علی القلوب , لما تثیره من حرارة العاطفة ومن حیویة وحرکیة فی النفس, من خلال ما تدفع به من تغییر فی السلوکٍ , وتجدید فی العزیمة, ومن خلال ما تحمله من عبر وعظات تهدی إلى سبل الفلاح, وتجنب قارئها طرق الزیغ والضلال , عن طریق ما تترکه من آثار نفسیة وتربویة بلیغة ومحکمة ,

کان من الأهمیة بمکان إبراز هذا الجانب الهام من القصص القرآنی , وأثره فی الآداب العالمیة  ,وخاصة أنه قد لفت نظری کثرة الأبحاث والمؤلفات التی تناولت الحدیث عن القصص القرآنی , إما من حیث  الهدف والصیاغة والأسلوب والتصویر الفنی والخصائص , ومواطن التشابه والاختلاف بین القصة بمقوماتها الحدیثة  , وبین القصة فی القرآن الکریم , أو تعرض بعض الباحثین  لبیان الأسلوب القرآنی عامة وتأثیره فی الأدب العربی , أو الأدب الغربی .

أما القصص القرآنی باعتباره جزء من التراث الأدبی العربی , فقل تناول الحدیث عن تأثیره فی الآداب العالمیة , وإن تعرض له بعض الباحثین , فیتم تناوله فی ثنایا  أبحاثهم , ولم أعثر على بحث مستقل لبیان أثر القصص القرآنی فی الأدب الغربی  .

لذلک کان هذا الموضوع هو محور حدیثی ومرتکز التحرک فی بحثی .

وقد هدف هذ البحث إلى بیان  أثر القرآن الکریم وقصصه الذی تجاوز نفوس المسلمین والعرب لیغزو نفوس الأدباء والمستشرقین ولیکشف حقیقة مفادها أن الغرب جمیعا لم ینبری للهجوم على الإسلام وثقافته وآدابه , بل إن منهم من أغرم بالثقافة العربیة والإسلامیة , وأثرت فی نفوسه أیما تأثیر ، حتى رأینا هذا التأثیر إما فی  تدبیج  أعمالهم بکثیر من آی الذکر الحکیم أو اقتفاء أثر قصصه فی أسلوب القص لدیهم ؛ فکما أثَر القرآن الکریم الألباب منذ نزوله على سید المرسلین, نجد هذا الأثر قد امتد عبر القرون إلى العصر الحدیث , فعبر الحدود والقارات کما عبر السنین والأزمان  , ملقیا بظلال تأثیره على نفوس  کثیر من المستشرقین والمؤرخین والأدباء .