نظرية الأقسام السياقية للأسلوب قراءة فــي التقسيم الثلاثي للکلام عند عبد القاهر (الجــزء الثانــي) من النظريـة السياقيـة

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

جامعة الأزهـر ــ فــرع دســـوق

المستخلص

النظرية الکائنة في هذا البحث على رغم کونها تمثل بحثًا ثالثًا
من النظرية السياقية للفظ والنظم قراءة في التقسيمين الثنائي والثلاثي للکلام عند
عبد القاهر" إلا أنها – في الوقت ذاته – تمثل نظرية خاصة بحيث تبدو هذه النظرية استثنائية؛ لکونها تشکل رؤية جديدة في مجال الدراسات اللغوية، ولکونها – وهذا يعد من علامات تفوقها – تتحاشى ما وجه إلى النظرية السياقية عند (جون روبرت فيرث) (ت/ 1960م) من نقد يعود في مجمله – وهذا ما سوف نوضحه لاحقًا – إلى عدم الترابط بين "علاقات المعنى التي تربط مجموعة المفردات المعجمية"
([1])، کما أنها – وهذا ما يجب الإشارة إليه – تحدد تنوعات الأسلوب في الأقسام السياقية الاثنى عشر، والتي هي بمثابة الحاويات للأنماط الأسلوبية التي تتقاسمها من خلال توزيع مجموعات الأنماط على الأقسام السياقية طبقًا لمفهوم المعنى الذي يعود إلى العقل، أو ينفتح على الخيال، وکذلک طبقًا لمفاهيم النحو الثلاثة المکتسبة من اللغة، ومن الکلام. وهکذا تستمد هذه النظرية وجودها من فکرة الترابط – وذلک على نحو ما سوف يأتي تفصيلًا –
بين أحد المفاهيم الثلاثة للنحو، وبين أحد الأقسام من قسمي المعاني العقلية، وقسمي المعاني التخييلية، بحيث تمتلک هذه النظرية – من خلال هذه الفکرة – الفَرَضِيةَ التي تجعل للأسلوب نسقًا في اللغة، وارتباطًا بالدلالة، وهنا يکمن الفارق بين النظريات الأسلوبية السابقة، وهذه النظرية التي حققت ما کان يحلم به (دماسو ألونسو)
من الترابط بين "المنظورين الداخلي والخارجي على سواء"
([2]).
ومن ثم فنتيجة لهذا الذي کان يحلم به قال: "والوظيفة الأولى للأسلوبية هي بحث العلاقة بين مجموع الدال، ومجموع المدلول عن طريق بحث العلاقة بين جميع العناصر الجزئية، وهذه العناصر الجزئية المنفصلة کثيرة جدًا إلى الحد الذي يتعذر معه دراستها دراسة کاملة، ولا مناص حينئذٍ من الاختيار، وحينئذٍ يجب أن يکون الاختيار للعناصر التي تکون أوثق صلة بالموضوع.. ولما لم يکن ثمة منهج جاهز مسلم به لإجراء هذا الاختيار فإنه لا يمکن أن يقوم إلا على الحدس"([3]).
وإذن فنتيجة لما قاله (دماسو ألونسو)، أو قاله غيره – على نحو ما سوف يأتي – فإن هذه النظرية تعد تحقيقًا لما حلمت به هذه المدارس اللغوية في إطار التصور والدمج، بل إنني لا أکون مبالغًا إذا قلت: إن "نظرية الأقسام السياقية للأسلوب" هي النظرية المفتقدة عند الغرب؛ والدليل على ذلک أن (تيون إيه فان دايک) وهو صاحب "النظرية السياقية، النماذج السياقية" قد قال فيما ترجم عنه "فهذه النماذج هي الحلقة المفقودة بين المجتمع، والخطاب الکافي سياقيًا.. وأرجو أن أحقق في أعمالي التالية تکاملًا بين المشاريع البحثية المستمرة، مثل مشروع الأيديولوجيا، ومشروع المعرفة، ومشروع السياق إذ إننا.. بحاجة إلى أن نفهم کيف ترتبط الأشکال المختلفة للإدراک المشترک، ... وکيف أيضًا تحدد هذه الأشکال؟"([4]).

الكلمات الرئيسية