لغة جرهم بين التأصيل والتطور دراسة وتطبيقًا

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

قسم أصول اللغة في کلية اللغة العربية بأسيوط

المستخلص

الحمد لله رب العالمين أنزل القرآن بلسان عربي مبين، فحفظ به اللغة العربية وحفظه بها، وأُصلي وأُسلم على الرحمة المهداة والنعمة المسداة والسراج المنير، محمد بن عبد الله النبي العربي الأمي الکريم وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وبعد :   
فإنّ اللغة العربية ذات تاريخ عريق، اشترکت فيه مع کثير من اللغات القديمة الأخرى کالآرمية والعبرية والسريانية والحبشية ... وغيرها من لغات استطاع البحث اللغوي الحديث أن يثبت انتماءها کلها إلى لغة واحدة ، هي اللغة السامية الأم معتمدًا في ذلک الإثبات على واقع لغوي مشترک بين تلک اللغات عبر مراحل التاريخ وأطواره، وقد تمثل ذلک الواقع في مفردات أو ألفاظ ترجع في تلک اللغات إلى أصل اشتقاقي واحد، وتتفق إلى حد کبير في الدلالة والمعنى ([1]).
ثم تفرعت اللغة العربية نفسها إلى لهجات متعددة منذ أمد بعيد من التاريخ اللغوي، تبعًا لتفرع قبائلها ومجتمعها .
والبحث في أصول کلماتها وتتبع جذورها بهدف الکشف عن حقائق تاريخها لا يقل شأنًا عن البحث الحديث في تطور تلک الکلمات وتفرع دلالتها والوقوف على مظاهر ذلک التطور وأسبابه وقوانينه.
وقد ذکر القرآن الکريم ألفاظًا للهجات عربية قديمة متعددة بتعدد قبائل شبه الجزيرة العربية، وکان الباعث من وراء ذلک هو التأليف بين أبناء تلک القبائل وتأکيد أواصر الأخوّة بينهم، وهي الأخوة والقرابة التي تجددت بظهور الإسلام، فضلاً عن تلاوة القرآن الکريم بقراءاته المتعددة بهدف التخفيف والتيسير على أبناء تلک القبائل. وقد تناول بعض المؤرخين والمستشرقين المغرضين تلک القبائل بالوصف والتقسيم إلى قتلة شرقية وأخرى غربية من شبه الجزيرة العربية، وحکموا على بعضها بأنها قد بادت قديمًا ولا وصول إلى آثارها اللغوية الآن، وکان الهدف من ذلک هو التفريق بين أبناء المجتمع العربي الواحد ، وفصل حاضرهم عن ماضي أسلافهم، والله من وراء تدبيرهم محيط ، فإن صحت مساعيهم في زمن يسير خابت وفشلت في أزمنةٍ کثيرة.
ومن بين تلک القبائل قبيلة جرهم، التي أصابها سهم التقسيم والتشرذم، فقد قسموها إلى قسمين، الأول: جرهم البائدة والثاني: جرهم الباقية، لذا فقد يممت وجهي نحو البحث في لهجتها من خلال ألفاظ القرآن الکريم، مستخدمًا مقياسي([2]) التأصيل والتطور في الکشف عن قديم تلک الألفاظ وحديثه، وجمعتها من بعض مصادرها القديمة وهي :
1- کتاب غريب القرآن لابن عباس (t) المتوفى سنة68هـ.
2- کتاب لغات القبائل الواردة في القرآن الکريم المنسوب لأبي عبيد القاسم بن سلام المتوفى سنة 224هـ.
2- کتاب اللغات في القرآن لعبد الله بن الحسين بن حسنون المقرئ المتوفي سنة 386هـ .
3- کتاب التبيان في تفسير غريب القرآن لشهاب الدين أحمد بن محمد بن الهائم المصري المتوفى سنة 815هـ.
4- کتاب الإتقان في علوم القرآن لعبد الرحمن بن الکمال جلال الدين السيوطي المتوفى سنة 911هـ .
أما عن المنهج الذي سرت عليه في البحث ، فهو المنهج التاريخي الوصفي، فجاء البحث - بعون الله وتوفيقه - في مقدمة وتمهيد وفصلين وخاتمة وفهرس للمصادر والمراجع .
أما المقدمة : فقد تکلمت فيها عن عراقة تاريخ اللغة العربية ، وأن البحث في أصول کلماتها لا يقل شأنًا عن البحث في مراحل تطورها وتفرع معانيها . وعن المصادر التي جمعت منها مادة البحث ، والمنهج الذي سرت عليه فيه.
وأما التمهيد فقد جاء الحديث فيه عن نشأة جرهم، وتاريخها وهجرتها من اليمن إلى الحجاز، وعلاقتها بقبيلة قريش من حيث الجوار والتأثر اللهجي، وتغليب اللهجة القرشية عليها، وعن مرادفة اللفظين أو المصطلحين : لغة ولهجة في الدرس اللغوي، وعن معنى التأصيل والتطور .
وأما الفصل الأول فقد جاء بعنوان: مقياس التأصيل في لهجة جرهم ، وتضمن مبحثين :
المبحث الأول : التأصيل بذکر اللهجة المشترَکة بين جرهم وحمير .
المبحث الثاني : التأصيل بذکر اللهجة المشترکة بين جرهم وخثعم.
وأما الفصل الثاني فقد جاء بعنوان : مقياس التطور اللغوي في لهجة جرهم ، وقد اشتمل على مبحثين - أيضًا :
المبحث الأول : التطور الصوتي .
المبحث الثاني : التطور الدلالي .
وقد ذکرت للتدليل على ذلک العديد من النماذج من آيات القرآن الکريم مدروسة وموثقة .
ثم الخاتمة ، وقد ذکرت فيها النتائج التي توصلت إليها من خلال البحث ، ثم أنهيت البحث بفهرس للمصادر والمراجع .
 وبعد: فإن کان في البحث تقصير أو خطأ فمني، ولا حول ولا قوة إلا بالله، وإن کان فيه من حسَن فمن الله، عليه توکلت وإليه أنيب .   
 

الكلمات الرئيسية