الدلالة الوظيفية للصيغ الصرفية

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

المستخلص

الحمد لله فاتحة کل خير، وتمام کل نعمة، والصلاة والسلام على سيدنا محمد النبي الأمي خير من نطق بالعلم والحکمة، وعلى آله وصحبه الکرام من رفعوا لواء الحق والخير لهذه الأمة،   أما بعد : ـ
فقد جاءت هذه الدراسة تحت عنوان (الدلالة الوظيفية للصيغ الصرفية)
وهذا العنوانيوضح العلاقة الوثيقة بين مباني الصيغ الصرفية وتنوع دلالاتها في لغتنا العربية .
وأعني بالدلالة الوظيفية دلالة الصيغة على معنى الفاعلية أو المفعولية أو المبالغة أو الآلية أو المطاوعة، وغيرها من المعاني الکثيرة التي تفصح عنها مباني هذه الصيغ .
ونظراً لعضوية العلاقة بين علمي الصرف والدلالة فإنني سأتناول ـ بمشيئة الله تعالى ـ العلاقة الوثيقة بين بناء الصيغ الصرفية ودلالاتها المتنوعة، وما ينتج عن ذلک من تطابق بعض الصيغ الصرفية مع معانيها، وعلاقة زيادة بناء الصيغة الصرفية بزيادة معناها، وأثر الخلط بين مباني بعض الصيغ الصرفية في فساد معانيها .
ومن ثم تکتسب هذه الدراسة أهميتها لأنها تکشف عن أثر المعنى المستمد من تنوع مباني الصيغ الصرفية في لغتنا من خلال کلام بعض اللغويين القدماء والدارسين المحدثين مع تطبيق ذلک على بعض الصيغ الصرفية الواردة في القرآن الکريم ، وبعض الصيغ العربية الواردة على ألسنة العرب الأقحاح . 
وفي الحقيقة أن ثمة أسباباً دفعتني لاختيار هذا الموضوع، من أهمها :
أولاً: توضيح أهمية الارتباط الوثيق بين مباني الصيغ الصرفية ومعانيها الوظيفية المتنوعة من خلال بعض المفردات القرآنية .
ثانياً: بيان دور الاشتقاق الصرفي في توسيع رقعة لغتنا العربية من خلال زيادة الصيغ الصرفية للجذر اللغوي الواحد مع تنوع دلالاتها . 
 
ثالثاً : بيان دور الاشتقاق اللغوي في تنامي مفردات لغتنا العربية حيث تتولد عنه مفردات لها معان جديدة، فهو يضيف إلى اللغة مزيداً من المفردات الجديدة المنتقلة بمعانيها. مثل انتقال دلالة کلمة (الصلاة) من الدعاء إلى العبادة المخصوصة المبيَّنة حدود أوقاتها وشعائرها في الشريعة .
رابعاً: تأکيد دور السياق في التفريق بين معاني بعض الصيغ الصرفية الواردة في کتاب الله ـ عزوجل ـ ودوره في الحکم بتقديم صيغة على أخرى في الاستعمال القرآني .
خامساً : بيان أثر الإعجاز القرآني من الناحية الصرفية، وذلک من خلال معرفة أسرار مجيء بعض الصيغ الصرفية بدلالة وظيفية معينة، وسر تقدمها على غيرها في النسق القرآني المعجز .
سادساً : التأکيد على أن المعاني الوظيفية أعطت الصيغ الصرفية جمالاً، کما منحت لغتنا العربية النماء والخلود . 
ويهدف هذا البحث إلى الکشف عن العلاقة الحميمة بين الصرف والدلالة، وتوضيح أثر المعاني الوظيفية في الصيغ الصرفية، وبيان الفوارق الدلالية لبعض الصيغ الصرفية من خلال الاستعمال القرآني .
وهذا البحث يحاول الإجابة عن بعض التساؤلات ، منها :
 هل للمعاني الوظيفية أثر في الصيغ الصرفية؟ وهل للاشتقاق بنوعيه الصرفي واللغوي أثر في لغتنا العربية؟ وهل هناک علاقة بين مبنى الصيغة ومعناها؟ وهل للمعنى السياقي دور في ترجيح صيغة على أخرى في الاستعمال اللغوي؟
أما عن الدراسات السابقة فالمعلوم أن نصيب الحديث عن الدلالة الصرفية في کتب النحاة القدماء کثير، فهم تحدثوا عن معاني بعض هذه الصيغ في ثنايا کتبهم ومن أمثلة ذلک ما جاء في الکتاب عن الخليل وسيبويه، وکتاب الأفعال لابن القطاع، وإسفار الفصيح لأبي سهل محمد الهروي وغيرهم من العلماء، ومنهم من أفرد لدلالات هذه الصيغ فصولا مستقلة مثل ابن جني في کتابه الخصائص، وابن الأثير في کتابه المثل السائر، وتعرض بعض مفسري القرآن لمعاني هذه الصيغ وعلى رأسهم الزمخشري في تفسيره (الکشاف) ولکن جاء کلامهم عن المعاني الوظيفية مفرقاً في کتبهم ولم يفصلوا القول فيه عن طريق اختصاصه بمؤلف خاص به .
وأما في العصر الحديث فنرى أن الدلالة أضحت علماً مستقلاً، ورأيت الکثير من المؤلفات تحمل هذا الاسم، ولکن جل اهتمام علمائنا الأفاضل دار حول دلالة المفردات اللغوية وتوضيح المعاني المعجمية لها، ومن أشهر هذه المصنفات، کتاب (دلالة الألفاظ) للدکتور/ إبراهيم أنيس، و(علم الدلالة) للدکتور أحمد مختار عمر، وغيرهما، وهناک فريق من الدارسين المحدثين ذکروا بعضا من دلالات الصيغ الصرفية من خلال نماذج تطبيقية منهم الدکتور/ تمام حسان في کتابه (مناهج البحث في اللغة)، والدکتور/ محمد حسن جبل وکتابه (الموجز في علم الدلالة مع تطبيقات قرآنية ولغوية)، والدکتور/ عبدالحميد أحمد يوسف هنداوي وکتابه (الإعجاز الصرفي في القرآن الکريم. دراسة نظرية تطبيقية).
ولا شک أن الباحث قد استعان بهذه المؤلفات واستفاد منها في إخراج هذا البحث على هذه الصورة.      
وقد قسمت هذه الدراسة على النحو التالي :
* أولاً : المقدمة : أوضحت فيها مقصود عنوان هذا البحث ، وأسباب اختياره ، والهدف من هذه الدراسة، وأبعاد خطة هذا البحث ، والمنهج المتبع في تلک الدراسة
* ثانياً : الفصل الأول : ( الجانب النظري) وقسمته لمبحثين : 
المبحث الأول : (الاشتقاق : لغة واصطلاحاً) ذکرت فيه مفهوم الاشتقاق في اللغة والاصطلاح  .
المبحث الثاني :  (نوعا الاشتقاق) ذکرت فيه نوعي الاشتقاق : الصرفي ، واللغوي ، مع التمثيل لکل واحد منهما .  
* ثالثاً : الفصل الثاني : ( الجانب التطبيقي)  وقسمته لأربعة  مباحث :
 المبحث الأول : (تطابق بعض الصيغ الصرفية مع معانيها )
المبحث الثاني  : (علاقة زيادة مبنى  بعض الصيغ الصرفية بمعناها )
(المبحث الثالث : (الفوارق الدلالية لبعض الصيغ الصرفية المتشابهة المباني من خلال الاستعمال القرآني )  
المبحث الرابع: (الخلط بين مباني الصيغ الصرفية وأثره في المعنى )
وقد اتبعت في هذه الدراسة المنهج الوصفي التحليلي الذي يقوم برصد آراء النحاة ، ووصفها ومناقشتها للوصول ـ من خلال ذلک ـ إلى أثر المعاني الوظيفية في المباني الصرفية  ، مع تطبيق ذلک على بعض المفردات  القرآنية ، والألفاظ العربية .
وفي النهاية إن کنت قد وفقت في هذا البحث فلله وحده الحمد والشکر، وإن کانت الأخرى فحسبي من ذلک قوله تعالى : ( وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً ) .  
 
والله من وراء القصد

الكلمات الرئيسية