صور التسامى فـي شـــعر الحطـيئة

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

کلية اللغة العربية بجرجا

المستخلص

الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد .
فقد کان للکلمة في العصر الجاهلي أثر قوي، يعمل عمل السحر، وأحياناً أشد من نضح النبال، فکانت الکلمة ترفع وتخفض، وتجلى هذا واضحاً في کلمة الحطيئة في بني أنف الناقة، فقد کانوا يعيّرون بهذا اللقب، حتى مدحهم الحطيئة فقال:
قَومٌ هُمُ الأَنفُ وَالأَذنابُ غَيرُهُمُ   \    وَمَن يُسَوّي بِأَنفِ الناقَةِ الذَنَبا ([1])
فصار هذا فخراً لهم بعد أن کان منقصة ومذمة .
ويُعد الحطيئة نموذجاً فريداً بين شعراء العربية، فلم يوجد شاعر هجا نفسه وأمه وأباه وعمه وخاله وقومه وضيفه إلا الحطيئة .
فقد أشاع في مجتمعه الخوف والذعر بسبب قسوته في الهجاء، وبسبب فجره وفحشه " کان الهجاء في أشعار الحطيئة هو التعبير الصادق عن نفيسته المضطربة، فهو لا يفتعل الهجاء وإنما ينهل من غيابة الظلمة في وجدانه، وهو الأمر الذي جعل هجاءه يطغي على سائر فنونه الشعرية " ([2]) .
 
ثم إن الحطيئة کان لا يدين بولاء لأحد، وإنما کانت حياته " تنقل مستديم من قبيلة إلى قبيلة، وتقلب من نسب إلى نسب، فتضاءلت في نفسه حوافز الشرف والإباء، وانقبضت فيه عواطف الحياء، فراح يسعى وراء المنفعة، يتطلبها بشعره حيثما وجدت فيمدح من أعطاه، ويهجو من ردّه "([3]) .
وقد اجتمعت عوامل عديدة شکلت نفسية الحطيئة فقد " نشأ الحطيئة في محيط لم يساعده نفسياً واجتماعياً وإنسانياً على تحقيق ذاته واستکمال إنسانيته، يضاف إلى ذلک ما منحه إياه القدر من دمامة في المنظر، وعسر فى العيش، ومسغبة في الحياة، وشدة تقلب الناس وسرعة تغيير اتجاهاتهم ومنازعهم .. هذه العوامل کانت کفيلة بجعل هذا الشاعر أنموذجاً صارخاً للسخط على الحياة والناس والزمان، والانتقام – ولو بوسيلة الهجاء – من کل ما يعترض سبيله أو يحول بينه وبين تحقيق أغراضه " ([4]) .
هذا ما شاع وانتشر، وتداوله النقاد والأدباء عن الحطيئة، فلم نر منه إلا وجهاً دميماً، ولساناً سليطاً، ونفساً مريضة .
ولکن من يتأمل شعر الحطيئة يجد أن له وجهاً آخر، لم تسلّط عليه أضواء النقد، ولم تتناوله أقلام الکتاب، ذلک الوجه هو: التسامي والتعالي عن النقائص، والتحلي والتخلق بأخلاق الفرسان، وبمکارم الأخلاق .
ومن هنا آثرت أن أتناول الحطيئة من هذه الزاوية الخافتة الخافية، زاوية التسامي وصوره في شعره، فجاءت الدراسة تحت عنوان :
" صور التسامي في شعر الحطيئة "
وقد اتبعت في هذه الدراسة المنهج التکاملي، حيث أفاد البحث من المنهج الفني لتحليل الجوانب الفنية للصور .
ومن المنهج المقارن، حيث قارنت – في بعض الأحيان – بين الصورة عند الحطيئة، وعند غيره من الشعراء .
کما أفاد البحث أيضاً من المنهج النفسي، في بيان الحالة النفسية التي أثّرت في الحطيئة، وشکّلت صوره .
وکذلک أفدت من المنهج الجمالي، حيث بينت جماليات الصورة عنده .
وقد جاء البحث في:
مقدمة، وتمهيد، ثم صور التسامي في شعره، فالخاتمة، فالفهارس .
-   أما المقدمة فتناولت فيها ما ذاع واشتهر عن الحطيئة، ثم بينت الأسباب التي أدت إلى اختيار البحث، والمنهج المتبع في هذه الدراسة .
-       أما التمهيد فقد جاء في مبحثين:
المبحث الأول: مفهوم التسامي، في اللغة، وعلم النفس، ثم أهميته .
المبحث الثاني: نبذة عن الحطيئة، وتناولت فيه: اسمه وکنيته، ولقبه، وصفاته وأخلاقه، وشعره، ووفاته .
-       صور التسامي في شعر الحطيئة، وقد جاء في صور کلية، تندرج تحتها صور جزئية:
1-      صور الوفاء، وجاء تحتها عدة صور:
الصورة الأولى: الوفاء للصاحبة في مقابلة غدرها .
الصورة الثانية: الوفاء للذئب في مقابلة غدره .
الصورة الثالثة: الوفاء للممدوح في مقابلة إکرامه .
الصورة الرابعة: صدق المحبة .
الصورة الخامسة: غيرته على نسائه وبناته وأهله .
2-     صور التعزز، وجاء تحتها ثلاث صور .
الصورة الأولى: التولي خشية الهوان .
الصورة الثانية: قطع الطمع من الغير .
     الصورة الثالثة: الرضا بالجوع والتعزر في البعد، عن الشبع والهوان في القرب .
 
3-     صور التجلد والتماسک، وجاء تحتها ثلاث صور .
الصورة الأولى: التجلد والتماسک في الحب .
الصورة الثانية: التجلد والتماسک في الحرب .
الصورة الثالثة: الصبر على أذى الأهل والعشيرة .
4-     صور التغني بکرم الأصل، وجاء تحتها صورتان:
الصورة الأولى: کرم أصل الأب .
الصورة الثانية: کرم أصل القبيلة .
-       ثم جاءت الخاتمة، وفيها أهم النتائج التي توصل إليها البحث .
-       ثم ختم البحث بالفهارس الفنية .
وبعد .. فهذا بحث، بذلت فيه الجهد، وتحريت فيه الدقة، بغية الوصول إلى الصواب والحقيقة، فإن کانا فمن الله الفضل والمنة، { إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللّهِ عَلَيْهِ تَوَکَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ } .
 
 
 

الكلمات الرئيسية