همزة إن بين الفتح والکسر في کتاب سيبويه دراسة في الشواهد القرآنية

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

تخصص نحو وصرف وفقه لغة کلية البنات- الرياض جامعة الأمير سلطان الأهلية المملکة العربية السعودية

المستخلص

فالقرآن الکريم ذروة الذرا في الکلام العربي، وهو المثَلُ الأعلى لکلّ مسلم وطالب، ومنه يأخذ علماءُ اللغة شواهدَهم التي يَبنون عليها قواعدَهم وأصولهم .
وکتاب سيبويه أقدم کتاب وصل إلينا حمل بواکير النظر في تحليل الآيات لغوياً، وبذلک کان رافداً مهماً للعلماء والباحثين، فقد کان-رحمه الله- من أوائل النحاة تمسکاً بالشاهد القرآني([1])، وأعظمهم إجلالاً له، يضعه في المرتبة الأولى؛ لأنه أبلغ کلام نزل، وأوثق نصّ وصل، فهو يمثّل العربية الأصيلة، والأساليب الرفيعة([2]).
وقد حفل کتابه بالشواهد القرآنية الکثيرة، حتى بلغت قرابة سبعين وثلاثمائة آية([3]). وبلغت شواهد الخليل في العين من القرآن الکريم أربعمائة وتسعين آية، وفيها شواهد من القراءات القرآنية ([4]).
 وفي إطار العناية بالشاهد النحوي قدمت هذا البحث بعنوان : (إنّ) بين الفتح والکسر في الکتاب، مبينة موطن الشاهد القرآني عند سيبويه، وأوجه القراءات الواردة فيه، ومن تابع أو خالف سيبويه من النحاة والقراء .
ومما يجدر ذکره أن هذا البحث يعدّ امتدادا لعنايتي بکتاب سيبويه في بحثي
 
المنشور بعنوان: المضارع في شواهد سيبويه القرآنية بين النحاة والقراء([5]).
أهمية الموضوع :
تکمن أهمية الموضوع في ارتباطه بکتاب الله عزّ وجلّ المصدرِ الأول للتشريع والعلوم الإسلامية، وفي تعلقه بقراءاته المختلفة التي يستشهد بها في تقعيد القواعد وتأصيل المسائل النحوية والتصريفية، ومن المجمع عليه أهمية الاستشهاد في علوم العربية، وعلى رأسها علم النحو والتصريف، فالشواهد في علم النحو هي النحو.
وفي کونه يظهر شخصية إمام النحاة – رحمه الله- العلمية، ومواقفه النحوية من القراءات القرآنية متمثلة في التوجيه، والتحليل، والمناقشة، والترجيح، وکيف تناول الشاهد القرآني وبيّنه، وتفرده في العرض والدراسة.
موضوع البحث:
 برز کتاب سيبويه علمًا شامخًا يهدي المحتجين، فهو الأصل في باب الاحتجاج، وهو العمدة لمن سلک هذا المنهج من المحتجين قراءً کانوا أو نحويين.
فلقد عدّه العلماء أهم مصدر لدراسة النحو العربي في شبابه الزاهر؛ إذ تضافرت على دراسة مادته النحوية أجيال متعاقبة من العلماء والدارسين.
"فهو إمام العربية، وکتابه معيارها ودليلها وشاهدها، کنز من کنوزها، لا يستطيع الاستغناء عنه باحث في النحو العربي مهما بلغ علمه"([6]).
أما شواهد الکتاب القرآنية فتعد مصدرًا مهمًا لسيبويه حينما وضع القواعد، ودوّن المقاييس والأصول ([7]).
وقد نهج النحاة البصريون نهج سيبويه في الاستشهاد بالقرآن الکريم، واستنباط ما فات الأسلاف من قواعد، أو تصحيح ما سبقوا إليه من أصول.
فالقرآن الکريم حجّة في العربية بقراءاته المتواترة، وغير المتواترة، کما هو حجّة في الشريعة، والقراءة الشاذّة التي فقدت شرط التواتر لا تقلّ شأنًا عن أوثق ما نقل إلينا من ألفاظ اللغة وأساليبها، وقد أجمع العلماء على أن نقل اللغة يکتفي فيه برواية الآحاد([8]).قال السيوطي: «أما القرآن فکل ما ورد أنه قرئ به جاز الاحتجاج به في العربيّة سواء کان متواتراً أم آحاداً أم شاذّاً، وقد أطبق الناس على الاحتجاج بالقراءات الشاذّة في العربية إذا لم تخالف قياسًا معروفًا، بل لو خالفته يحتجّ بها في مثل ذلک الحرف بعينه، وإن لم يجز القياس عليه.»([9])

منهج البحث:

ليس من شأني هنا أن أعرض لمنهج سيبويه في الاستشهاد بالقرآن الکريم وقراءاته المتعددة، ولا أن أصف جهوده العظيمة في التقنين النحوي على ضوء القرآن؛ فالمقام لا يتسع لهذا کله، وقد استقصاه غيري أتمّ استقصاء ([10])،وعني الدکتور محمد إبراهيم عبادة بالشواهد القرآنية في کتاب سيبويه ([11])،بيد أن دراسته تناولت بيان وجوه الاستشهاد، وذکر القراءات الواردة، دون الإشارة إلى مواقف النحويين والقراء من الاستشهاد بتلک الآيات إن کان ثمة خلاف.
کما عني الدکتور سليمان يوسف خاطر في کتابه : التوجيه النحوي لوجوه القراءات القرآنية المشکلة في کتاب سيبويه ومواقف النحاة منها بإظهار الأصول العامة للتأويل النحوي ، والکشف عن دواعيه، وغاياته من خلال استنطاق سيبويه، إلى غير ذلک کما مما يطول حصره عن کتاب سيبويه من رسائل جامعية، وبحوث علمية، ومقالات،کان منها رسالة ماجستير في: القراءات في الکتاب لسيبويه حتى باب المبدل من المبدل منه ، للباحثة نبيهة عبد الرحيم سندي ، لکنها لم تتناول في رسالتها أبواب کسر همزة إن وفتحها.
فالحديث عن الأعلام الأفذاذ لا ينتهي ببحث أو بحثين أو عشرين ..فکيف لو کان الکتاب کتاب سيبويه!
وبعون الله وفضله خصصت هذا البحث بالوقوف على أبواب (إنّ) وأحوالها بين الفتح والکسر مبينة موطن الشاهد عند سيبويه ، وأوجه القراءات الواردة فيه ، ومن تابع أو خالف سيبويه من النحاة والقراء.
 
وقد جاء العمل على النحو التالي:

·        مقدمة، وتمهيد، وثلاثة مباحث.
·   جمع الآيات التي تتحد في وجه الاستشهاد في مکان واحد، وتحت مبحث واحد، وإن اختلفت الأبواب، فمثلاً الآيات التي أوردها سيبويه شاهدًا على جواز الفتح والکسر وضعتها تحت مبحث واحد، والآيات التي يجب فيها الفتح تکون کذلک في مبحث واحد، والآيات التي يجب فيها الکسر تکون في مبحث واحد، والآيات التي جاءت فيها إن مکفوفة تکون کذلک في مبحث واحد.... وهکذا.
·        عند استدعاء الآيات من کتاب سيبويه، ذکرت السياق الذي وردت فيه الآية کاملاً حتى يتضح کلام سيبويه ويفهم.
·        عرض الشواهد القرآنية مرتبة وفق ورودها في أبواب الکتاب. وحسب تصنيفها إلى مباحث.
·        ذکر القراءات الواردة في کل آية، وقرائها، والتوجيه الإعرابي لها.
·        ذکر القراءة التي أوردها سيبويه، وتوثيقها.
·        إيراد نص سيبويه حول القراءة،وبيان موطن الشاهد فيها .
·        ذکر أقوال النحاة وآرائهم، وخلافات النحويين بعد سيبويه في الاستشهاد بتلک الآيات، إن کان ثمة خلاف.

 
وقد اعتمدت في کتابة هذا البحث على المنهج الاستقرائي الوصفي في إيراد شواهد أحوال إنّ من کتاب سيبويه بين الفتح والکسر، ثم اعتمدت على المنهج التحليلي الاستنباطي في دراسة الشاهد عند سيبويه، ودراسة أقوال النحاة وتوجيهها، واستنتاج الراجح منها.
کما التزمت المنهج التاريخي في عرض آراء النحاة مراعية تسلسلها التاريخي وإفادة اللاحق من السابق، وتصويب بعضها بعضا والرد عليها.
                والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.
 

الكلمات الرئيسية