جَدَلِيَّةُ التَّرْکِيبِ النَّحْوِيِّ وَالمَقَام فِي الخَبَرِ الإنْکَارِيِّ ودَوْرُهَا فِي تَحْلِيلِ الخِطَابِ فِي القُرْآنِ الکَرِيمِ

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

کلية الآداب والعلوم الإنسانية - جامعة جازان

المستخلص

فقد اکتظت کتب البلاغة بالحديث عن أنواع الخبر ، والبلاغيون يصدِّرون تقسيمهم هذا بقصة يرويها اللاحق منهم عن السابق ؛ إذ ذکرها إمام البلاغيين عبد القاهر ونقلها السکاکي ثم القزويني ثم من تبعهم من أصحاب البلاغة .
تلک القصة تتضمن محاجَّة بين عالمين؛ أحدهما من أهل المنطق وعلومه وهو الکندي الفيلسوف ، وهو معروف ، وأما الثاني فهو أبو العباس ، وهو من أهل العربية – على ما تومئ إليه روايات البلاغيين –
ومضمون القصة أن الکندي قد لاحظ تعددا في التراکيب الخبرية في العربية دون حاجة معنوية ، فسمَّى هذا التعدد حشوا ، وقال لأبي العباس :" إني لأجد في کلام العرب حشوا "  فقال له أبو العباس: في أي موضع وجَدْتَ ذلک؟ فقال: أَجدُ العربَ يقولون: "عبدُ الله قائمٌ"، ثم يقولون "إنَّ عبدَ الله قائمٌ"، ثم يقولونَ: "إنَّ عبدَ اللهَ لقائمٌ"، فالألفاظُ متکررةٌ والمعنى واحدٌ. فقال أبو العباس: بل المعاني مختلفةٌ لاختلافِ الألفاظِ، فقولُهم: "عبدُ الله قائمٌ"، إخبار عن قيامه وقولهم: "إن عبدَ الله قائمٌ"، جوابٌ عن سؤالِ سائلٍ وقولهم: "إنَّ عبدَ اللهِ لقائمٌ"، جوابٌ عن إنکارِ مُنْکِرٍ قيامَهُ، فقد تکررت الألفاظُ لتکرُّرِ المعاني".
لقد خيمت الجدلية على هذه الرواية من نواح شتى ؛  فأحد طرفي القصة من أرباب الجدل والمحاجة وهو الکندي الفيلسوف ، وتاريخه في المداخلات والمناظرات والجدل معروف ، وسؤاله جدلي ، وهو حول وجود الحشو في أساليب العربية ؛ إذ تزيد الکلمات في الترکيب اللغوي دون حاجة – على ما يراه هو -، ثم إن طرف القصة الآخر وهو أبو العباس   شخصية دار حولها الجدل بين الرواة والمحققين في تحديده من بين جملة آباء العباس الذين اشتغلوا بعلم العربية إبَّان تلک الفترة التي عاش فيها الکندي ، ثم إن مضمون الرواية نفسها أمر لم يخل من الجدل حوله في کتب البلاغة التي تعرضت للحديث عما جاء الإخبار فيه على غير مقتضى الظاهر؛ إذ يحاول البلاغيون إيجاد تفسير للعدول عن الترکيب المتوقع من المخاطب أول الأمر إلى ترکيب آخر، ولم يخل الأمر من الجدل عند النحاة الذين تعددت آراؤهم واختلفت حول المواضع التي يجوز دخول اللام فيها على جملة (إن) المکسورة الهمزة ودلالة (إن) واللام في هذه المواضع.

الكلمات الرئيسية