التناص في شعر ابن اللبانة الداني وتوشيحه

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

کلية اللغة العربية بالمنوفية ـ جامعة الازهر

المستخلص

فلا تخلو جينات الإبداع الفني من جينات دلالية أو أسلوبية تربط النص الحاضر بنصوص غائبة سابقة عليه، وقد يکون الترابط بينهما مقصودا من قبل المبدع الذي يعمد إلى الامتصاص من تجارب السابقين، فلا يستطيع بحال من الأحوال أن يقصر تجربته على روافد ذاتية، إذ کيف يتأتى له ذلک وهو "إنسان" يحيا في فضاء مکاني وزماني مشترک؟! وکيف يستطيع نصه أن يتنفس من غير نصوص غائبة سابقة يحيا بها ويتکلم بألسنتها؟! ألم يدر هذا المبدع أو ذاک أن جديده من القديم سليل؟!
ومن يقيني بأن النص لا يأتي من فراغ، کما أنه لا يفضي إلى فراغ، کانت حفاوتي بظاهرة التناص التي احتلت مساحة واسعة في الدراسات الأدبية الحديثة؛ لکونها تشکل هيکل النقد الأدبي الحديث، ولعبت دوراً بارزاً في جعل العملية النقدية على قدر من الانضباطية والثبات؛ ولذلک أسباب عدّة: منها ما هو ذاتي يمتد في عمق الثقافة العربية تحت أسماء کثيرة کالسرقات والمعارضات والاقتباس والتضمين وغيرها ، ومنها ما يتجاوز حقل الأدب والنقد فيضرب في أعماق فلسفات ونظريات مختلفة ربما لامست من طرفٍ خفي اليونان والرومان والهنود والفرس وغير ذلک من حضارات الزمن الغابر.
بل کانت حفاوتي بالغة حينما عمدت إلى تطبيق هذه الظاهرة على أحد شعراء الأندلس ووشاحيها في عصر ملوک الطوائف، إنه الشاعر "ابن اللبانة الداني" المتوفى سنة سبع وخمسمائة للهجرة، إذ لمست في مدوناته النصية (شعرا وتوشيحا)  نصوصا غائبة متعددة الجوانب، منها الديني والأدبي والأسطوري والتاريخي وغيرها، مما دعاه إلى إذابتها في منجزه ليمنحه اتساعا دلاليا وفنيا في آن معا. وقد هدفت الدراسة إلى رصد روافد النص الشعري التي اعتمد عليها في منجزه، ومدى الإفادة منها في توظيف ذلک في المنجز فنيا.
وقد دفعني إلى دراسة ذلک الموضوع رغبتي الملحة التي أملت عليَّ فکرة الإسهام في تناول الظاهرة الأدبية من منظور نقدي معاصر يستبعد النمطية في دراسة النصوص من خلال اهتمامي بهذا المصطلح النقدي- التناص- الذي يمثل إعادة إنتاج لنص من خلال نصوص سابقة عليه أو متزامنة معه من الثقافة التي ينتمي إليها أو الثقافات الأخرى، وقد آثرت مصطلح التناص دون غيره من مصطلحات البلاغة العربية؛ لأنه مصطلح يحمل معنى تأثر اللاحق بالسابق بحيادية وموضوعية، بعيدا عن شبهة الاتهام والمفاضلة، هذا إلى جانب مرونة المصطلح ورحابته وقابليته لاستيعاب صور من التأثر أوسع مما يتسع له غيره من المصطلحات الأخرى.
هذا وقد جاء البحث في دراسة تطبيقية على شعر الشاعر وموشحاته تنتظم خمسة مباحث على النحو الآتي:
أولا: التناص الديني.
ثانيا: التناص الأدبي.
ثالثا: التناص الميثولوجي
رابعا: التناص مع الأمثال العربية.
خامسا: التناص التاريخي:
وکل هذه المباحث مسبوقة بتمهيد جاء ينتظم هذه النقاط:
أولا: ابن اللبانة سيرة ومسيرة:
ثانيا: التناص مصطلحا ورؤية. ويشمل:
(أ) المدلول اللغوي للتناص.
(ب) مصطلح التناص في رؤى النقاد الغربيين.
(ج) مصطلح التناص في رؤى النقاد العرب القدامى.
(د) مصطلح التناص في رؤى النقاد العرب المحدثين.
 
ثم تأتي الخاتمة في نهاية الدراسة لترصد أهم النتائج التي توصلت إليها بعيدا عن الشطط والادعاء
وحسبي أنني اجتهدت، فإن کنت قد وفقت فالفضل لله وحده، وإن کانت الأخرى فمني ومن الشيطان، والکمال لله وحده، والله من وراء القصد، وهو الهادي إلى سواء السبيل.

الكلمات الرئيسية