التجديد فى الشکل فى الشعر المصري المعاصر

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

أستاذ مساعد بقسم الأدب و النقد بکلية الدراسات الإسلامية و العربية للبنات بالإسکندرية جامعة الأزهر

المستخلص

الشعر ديوان العرب کما قال الأوائل وهو أيضا ديوان الإنسانية کلها لأنه عبر عن النفس الإنسانية فى کل العصور ، وسجل عقائد الأمم وتاريخها وقيمها وأفکارها وعواطفها إلى حد بعيد .
لذا سعيت منذ تخرجى فى کلية  الدراسات الإسلامية والعربية جامعة الأزهر إلى دراسة الشعر تحليلا ونقدا ، وإلى استکشاف عوالم الشعر والشعراء فى مصر والوطن العربى ، ومصادر إلهامهم ، ومناحى إبداعهم .
فتناولت دراساتى السابقة عدداً کبيراً من شعراء مصر ، خاصة من لاحظت فراغا واضحا فى مکتبتنا الأدبية بشأنهم ، وکان من بينهم الشعراء الکبار محمد محمد الشهاوى وفؤاد طمان والدکتور فوزى أمين والدکتور فوزى عيسى ، الذين خصصت لکل منهم دراسة مستقلة . کما تناولت بالدراسة إبداع عدد کبير من شعراء الإسکندرية الذين أبدعوا القصيدة السکندرية المعاصرة ، ثم نصوص عدد کبير من شعراء مصر الذين واکب إبداعهم ثورة الخامس والعشرين من يناير کما عرضت للنزعة الرومانسية عند شعرائها. وکان من هؤلاء جميعا معظم الشعراء المعاصرين فى مصر ، و فى طليعتهم أحمد عبد المعطى  حجازى وأمل دنقل و محمد إبراهيم أبو سنة و فاروق شوشة ، ومن سبقهم من کبار الرومانسيين أمثال عبد الرحمن شکرى وإبراهيم ناجى وعلى محمود طه والهمشرى والصيرفى وأحمد زکى أبو شادى ومحمود حسن إسماعيل ، وکذا من جايلهم وأتى بعدهم وصولا إلى الشعراء المعاصرين الأحدث سنا وتجربتهم .                  
 ومنهم الدکتور صابر عبد الدايم و محمد فريد أبو سعدة وأحمد عنتر مصطفى وإيهاب البشبيشى وحسن طلب وحلمى سالم ومفرح کريم وأحمد سويلم وأحمد شلبى وعزت الطيرى ومحمد سليمان وأحمد مبارک وصلاح اللقانى وجابر بسيونى وغيرهم .
وبعد تلک الدراسات الجزئية للشعر المصري المعاصر لاحت لى فکرة إعداد بحثين حول هذا الشعر يتسمان بالشمول ويتيحان لى عرض صورة بانورامية للتجديد فيه ، أخصص أحدهما للتجديد فى الشکل والآخر للتجديد فى المضمون .
لقد تناولت الدراسات العديدة موضوعات الشعر المصري المعاصر وإبداع کبار مبدعيه وبعض ملامح التجديد فيه ولکن ما طمحت إليه هو إعداد دراسة تتسم بالشمول والجدة قدر المستطاع لصور هذا التجديد ، منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية حتى الآن ، وهى المرحلة التاريخية التى اصطلح على تسميتها بالمرحلة المعاصرة ، والتى کانت ثورة التجديد فيها شکلا ومضمونا هى أوسع وأخطر ثورات التجديد فى تاريخ الشعر العربى کله وأبعدها أثرا ، فيما أظن .
وها أنا أبدأ بهذا البحث  الذى خصصته للتجديد فى الشکل فى الشعر المصري المعاصر . حيث تتجلى صور التجديد فى القصيدة  التفعيلية التى اجتاجت الخريطة الشعرية بدءا من منتصف القرن الماضى ثم القصيدة  الرومانسية بموسيقاها الرشيقة الجديدة ( التى برز فيها الإکثار من استخدام مجزوءات البحور وتنويع القوافى فى المقاطع داخل القصيدة الواحدة ) کما يتجلى التجديد فيها فى لغتها النابضة بالحياة لغتها الطازجة المتحررة التى شقت أکفان اللغة القديمة وطورتها .
وفى القصيدة المدورة بصورتها الجديدة التى فجرتها أيضا ثورة الشعر التفعيلى , فضلا عن إزدهار البيت المدور الکلاسيکى وانتشاره وما لأطلق عليه القدامى التضمين (1) وفى الإبيجراما أو مقطوعة الومضة اللتين عرفناهما لأول مرة فى الشعر المصري المعاصر کتيار واضح وکانا قد عرفا من قبل فى الآداب الغربية , وفى بعض نماذج الشعر العربى السابقة کذا تجلى التجديد فى القصيدة التى تمزج فى بنائها بين الشعرالبيتى العمودى والشعر التفعيلى , وفى الموسيقى الجديدة للبحور المرکبة التى ابتکرها بعض شعراء القصيدة التفعيلية ، بعد أن کانت القصيدة التفعيلية تکتب من البحور الصافية وحدها دون المرکبة ثم الأبنية الجديدة والمجددة لموسيقى الشعر الکلاسيکية داخل القصيدة البيتية(العمودية) الحديثة , وأخيرا الشعر القصصى والسردى والمسرحى بعد أن کان الشعر العرب طوال تاريخة لايعرف سوى الشعر الغنائى .

الكلمات الرئيسية