أحسن الوجوه في حديث القرآن الکريم عن الوجوه

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

بکلية أصول الدين والدعوة بأسيوط

المستخلص

الحمد لله الذى أنشا بقدرته جميع المخلوقات ، وأبدع بحکمته فى تصوير جميع الذوات فأعطى کل شيء خلقه وهداه من المحيا إلى الممات ، وصلى الله وسلم وبارک على أفضل من خلق الله فى الأرض والسماوات  ، والذى ختم به الرسالات ، ومحى به الشرک والظلمات ، صلوات ربى وتسليماته عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعه على الهدى والآيات ثم أما بعد .. ،،
فلقد خلق الله الإنسان وحسنه وجمله وسواه وعدله ونفخ فيه من روحه ، ومن بديع خلقه له أن سواه بيده ، ورکب أعضاءه وأرکانه بحکمته ، فجعل لکل إنسان وجهاً يعرف به ويرجع إليه حتى يميز عن غيره مهما تشابهت الأبشار والهيئات ، وتقارب الناس فى الصور والصفات وجعل هذا الوجه أعلى الجسد مکاناً وأشرفه رتبة ومقاماً وخصه بأن يکون مجمع الحواس فشق فيه سمعه وبصره ولسانه الذى يکون به نطقه وذکره فتبارک الله أحسن الخالقين .
فلما کان لهذا العضو هذه المکانة والتي لا تتحقق للجسد بدونه الحياة ولا السلامة أکثر الله الحديث عنه فى کتابه فذکر من أحوال هذا الوجه وأخباره ما يجعل السامع والقارئ فى شوق إلى تفسير هذه الأحوال ومعرفة مکنونات أسرار هذه الأخبار خاصة أنها قد تنوعت وتعددت فشملت أحوال وجوه بنى أدم جميعاً ليس فى الدنيا فقط ، بل فى الآخرة أيضاً حتى يستقر العبد فى الجنة أو النار ، ومن عجيب أخبار هذه الوجوه أنها دالة على عمل أصحابها ، ومآل ومصير ذواتها فوجوه أهل الصلاح دالة على صلاحهم ، ووجوه أهل الفساد کذلک ، فأهل قيام الليل مثلاً وجوههم مشرقة بنور صلواتهم وقراءتهم وذکرهم، ووجوه أهل الکبر والنفاق وسوء الأخلاق تعلوها الظلمة والسواد ، وسخط الله وبغض العباد . وإذا نظرنا فى القرآن الکريم وجدنا أن الله تعالى قد ذکر وجوه الخلق بأحوال وأخبار تزيد على الثلاثين وصفاً وخبراً کلها تحتاج إلى دراسة وشرح ، فمن هذه الوجوه ما أمر الله بغسلها عند الوضوء ومسحها عند التيمم وتوجهها وتوليتها إلى البيت الحرام فى الدعاء والصلاة ، بل وأمرنا بإقامتها ونصبها عند کل مسجد وإسلامها وإخلاصها لربها ، بل وجعل الناس يوم القيامة فريقين ووجوههم دالة على مصائرهم وعواقبهم فأهل الإيمان هم أهل الوجوه المبيضة والمسفرة الضاحکة المستبشرة والناعمة الناضرة والتى إلى ربها ناظرة وهم الذين کانوا فى الدنيا سيماهم فى وجوههم من أثر السجود ، وأهل الکفر والمعاصى تجئ وجوههم يوم القيامة أيضاً مسودة وخاشعة عاملة ناصبة وباسرة عليها غبرة ترهقها قترة ومحشورة إلى الجحيم ومسحوبة إلى النار والعذاب الأليم فإذا وقفوا عليها تلفح وجوههم النار فإذا دخلوها فمتقلبة فيها ومشوية بماء الحميم ، هذا بخلاف الحديث عن الوجوه المتقية التى يتوقى أصحابها النار بها ، والمنکبة والمساءة والمطموسة وهى المعکوسة خلقاً وخلقاً إلى غير ذلک مما يطول المقام بذکره هنا و الذى يعرف فى موضعه من هذه الدراسة لأجل ذلک کله اعتزمت بعد أن استخرت الله تعالى على جمع أخبار هذه الوجوه وأحوالها کما جاءت فى کتاب الله تعالى فى مصنف منفرد بها يرجع إليه عند معرفة شرحها وتفسيرها ومعرفة لطائفها وأسرارها وقد أسميت هذا البحث " أحسن الوجوه فى حديث القرآن الکريم عن الوجوه.
مرتباً على حسب حروف المعجم حتى انجو من تکرار الأبواب والفصول والمباحث تبعاً لاختلاف المفسرين فى معرفة صاحب هذا الوجه وزمانه ومکانه ،  وهل هذا الوصف خاص به فى الدنيا أم عند الموت أم فى الآخرة ؟ وهل يکون حال هذا الوجه کالابيضاض والاسوداد مثلاً فى الجنة أو النار أو قبل ذلک فى عرصات القيامة أو هو عند الموت وساعة الاحتضار ؟ لذلک آثرت هذا الترتيب فراراً مما اختلف فيه إلى ما اتفق عليه بادئاً بأعظم هذه الوجوه وأکرمها وأشرفها قدراً وأعلاها ذکراً ألا " وهو وجه الله تعالى " فالوجوه الباسرة فالخاشعة فالخالية مختتماً ذلک بالحديث عن الوجوه الناعمة والله تعالى أسأل أن يبيض وجوهنا فى الدنيا والآخرة حتى نکون من الناظرين إليه الوافدين عليه فهو أکرم مسئول وأعظم مأمول .
 

الكلمات الرئيسية