حديث معاذ رضي الله عنه في الاجتهاد في ميزان النقد الحديثي

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

مدرس الحديث وعلومه جامعة الأزهر - کلية أصول الدين بأسيوط

المستخلص

الحمد لله وحده، وأصلي وأسلم على من لا نبي بعده وأشهد أن لا إله إلا الله جل في علاه، وأشهد أن سيدنا محمدا حبيبه ومصطفاه، اللهم صل وسلم وبارک عليه وعلى آله وصحبه ومن والاه إلى يوم لقياه، أما بعد... 
فمن المعلوم أن القرآن الکريم لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، والسنة النبوية نبراس الهدى وإمام السالکين، وعليهما يبني الفقهاء مسائلهم والأصوليون أصولهم وقواعدهم، والقرآن منقول بالتواتر، فهو قطعي الثبوت ويفيد اليقين، والسنة منها ما يفيد اليقين، کالحديث المتواتر، والخبر المحتف بالقرائن، ومنها ما يفيد الظن، والذي يفيد الظن منه الصحيح والحسن والضعيف، والصحيح والحسن هما القسيم الأول من قسمي  الحديث، باعتبار تقسيمه إلى مقبول ومردود، والضعيف هو القسيم الثاني.
والمجتهد المستنبط للأحکام ينبغي عليه أن ينظر في درجة الحديث من حيث القبول والرد، خاصة فيما يتعلق بالأحکام والعقائد والحلال والحرام، فهي أصول الدين، والدين لا يُبنى إلا على الصحيح. 
وهناک أحاديث کثيرة يحتج بها الفقهاء والأصوليون، بل وعليها تبنى بعض القواعد المهمة، تحتاج إلى بحث وتدقيق وعناية في الحکم عليها، إذ ثبوتها يعنى الاطمئنان إلى العمل بها، وضعفها يعني ضعف الاستدلال بها.
ومن الأحاديث التي اشتهرت وانتشرت وشاعت وملأت بطون کتب السنة، وکتب الفقه، والأصول، بل والتفسير، حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه في الاجتهاد، حيث تُصدر به أبواب الاجتهاد، وهذا الحديث من الأحاديث التي وقف النقاد أمامها واختلفوا في درجتها والعمل بها، فقبله جماعة من العلماء، واستدلوا به نظرا وتطبيقا، بينما رده آخرون وحکموا عليه بالضعف، بل والضعف الشديد فترکوه. ولم يکن ذلک عن عصبية وهوى بل عن حجة ودليل، فهذا أمر يحتاج إلى بحث وتدقيق وروية لأننا نتعامل مع کلام المعصوم صلى الله عليه وسلم. هذا ما دفعني دفعا إلى التشمير عن ساعد البحث والتنقيب وجمع أقول العلماء والنقاد وأقف معهم وقفة متأنية حتى أشفي الغليل وأريح القلب العليل في محاولة الوصول إلى درجة هذا الحديث والله الهادي إلى سواء السبيل.
وقد جردت قلمي عند الکتابة والبحث عن کل ميل وهوى أو عصبية عمية، فاستخرجت الرواية من بطون الکتب، ونظرت في حجج المصححين وأدلتهم، وفي أدلة المضعفين وحججهم، وانظر في رجال الإسناد، وأقوال علماء الجرح والتعديل فيهم، سائلاً المولى تعالى أن يلهمني الرشد الصواب والسداد في القول والعمل. جاء ذلک في بحث وسمته بـ: "حديث معاذ –رضى الله عنه- في الاجتهاد في ميزان النقد الحديثي".
 
أهداف البحث:
-        الوقوف على نص الرواية، وتخريجها، ودراسة إسنادها.
-        النظر في أقوال النقاد من المصححين والمضعفين وبيان أدلتهم.
-        بيان درجة الحديث من خلال ترجيح بعض الأقوال على بعض.
-        الوقوف على معنى الحديث إتماما للفائدة.
 
منهج البحث:
اعتمدت المنهج الاستقرائي التحليلي ثم الاستنباطي. فإني اسوق الأدلة وکلام العلماء، ثم استنبط الحکم من خلال هذه الأقوال.
الدراسات السابقة:
لم أقف فيما بين يدي على کتاب أو بحث في هذا الموضوع على جهة الاستقلال، اللهم إلا ما کتبه:
(1) الشيخ الکوثري في مقالات الکوثري، وقد حکم على الحديث بالصحة وانتصر لهذا بکل الطرق.
(2) الشيخ الألباني في السلسلة الضعيفة، وقد قام بالرد على الشيخ الکوثري، وحکم على الحديث بالضعف.
وقد استقصيتالتخريج، وأقوال النقاد من المصححين والمضعفين حسب الوسع والطاقة ، مع توجيه قول کل فريق ، وبيان هل المعنى صحيح أم لا ؟ مع مراعاة الترتيب الزمني لأقوال النقاد والعلماء.
 
خطة البحث :
هذا وقد اقتضت طبيعة هذه الدراسة أن تأتي في: مقدمةٍ، ومدخل، وخمسةِ مباحث، وخاتمةٍ.
المقدمة: وفيها : أهمية الموضوع ، وأهدافه ، ومنهجه ، وخطته.
المدخل: الحکم على الحديث بين المحدثين والفقهاء.
المبحثالأول: نص الرواية وتخريجها ودراسة إسنادها.
المبحثالثاني: روايات أخرى لحديث معاذ.
المبحثالثالث: أقوال النقاد في الحکم على الحديث.
المبحثالرابع: الحکم على الرواية.
المبحثالخامس: شرح الحديث ومعناه.
الخاتمة :وفيها : أهم النتائج، والتوصيات.
قال الإمام الشافعي رحمه الله تعالى : " من تعلم علما فليدقق فيه لئلا يضيع دقيق العلم " ([1]).
ولولا أن الحق لله ورسوله، وأن کل ما عدا الله ورسوله مأخوذ من قوله ومتروک - وهو عرضة الوهم والخطأ - ما اعترضت على من لا ألحق غبارهم ، ولا أجري معهم في مضمارهم، وأراهم فوقي في مقامات الإيمان، ولهذا فلا عيب ولا ملام إذا رأيتَ هذا في بحثي، وأسأل الله الصدق، فمن کان عنده علم فليرشدني إليه، وليهد إليَّ الصواب، أشکر له سعيه، وأقابله بالدعاء والترحاب والله الموفق وإليه المآب.
 

الكلمات الرئيسية