الســياق وأثره في الدلالة المجازية

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

کلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنات بسوهاج ـ جامعة الازهر

المستخلص

الحمد لله والثناء عليه بما هو أهله ، والصلاة والسلام على من أفصح من نطق بلسان سيد المرسلين وإمام المتقين وقائد الغر المحجلين محمد صلى الله عليه وعلى اله وصحبه أجمعين ، وبعد
فإن فکرة البحث في دلالة السياق والمقام ليست وليدة اليوم وإنما هي فکرة مطروحة على مائدة الفکر الإنساني منذ أفلاطون وأرسطو وغيرهما ، فقد تحدث أفلاطون عن مراعاة مقتضى الحال وعرض أرسطو للسياق وکانت فکرته هي التأکيد على القدرة في إيجاد اللغة التي يقتضيها الموقف ويتلاءم معها المقام ، کما أن العلماء العرب منذ القرن الأول الهجري وما يليه قد فطنوا إلى الوظيفة المهمة للسياق ، وتنبهوا إلى دلالة المعاني الحقيقي منها أو المجازي وأثرها على السياق ، فها هم علماء البلاغة يؤکدون على ذلک بقولهم : إن لکل مقام مقالا ([1])، وقولهم : إن لکل کلمة مع صاحبتها مقاما ([2]) ، وذلک يؤکد على أن البلاغيين قد سبقوا إلى نظرية السياق ، ولا أدل على ذلک من نظرية النظم عند عبد القاهر ، التي کانت عنوانا بارزا للفکر النقدي العربي المتوهج ، کما أن الغويين القدامى لم يغفلوا قضية السياق ، والتي برزت عندهم في ضوء حديثهم عن المشترک اللفظي، والترادف ، والتضاد ، وقد اعتمدوا في تحديد معاني الألفاظ على جواز وقوع تلک الظواهر التي يحکمه المجاز والسياق في الأعم الأغلب ، کما أن علماء الغريب القرآني قد أدلوا بدلوهم أيضا فتحدثوا عن المعاني المجازية ، وعن أهمية السياق والمقام في تفسير القرآن ، ومنهم الراغب والأصفهاني وابن قتيبة وغيرهم ، وإني أقدم هذا البحث ولست مدعيا السبق فيه ، بيد أنني أتصور أني ممن حالوا الربط بين الدلالة المجازية أو المعنى المعجمي ومدى تأثيره على السياق ، وهذه الفکرة ربما تضيف جديدا في طريقة العرض ، وقد قسمت البحث إلى مبحثين تسبقهما مقدمة وتمهيد ، وکان المبحث الأول للتفرقة بين الحقيقة والمجاز ، وعوامل التطور قي الدلالة المجازية ، وخواص ذلک التطور ، ومظاهره، والدواعي التي تتطلب وجوده ، وأثره في اللغة ، أما المبحث الثاني فقد تحدثت فيه عن السياق وأهميته ، وأنواعه ، من سياق لغوي ، وسياق موقف، وسياق ثقافي ، وسياق عاطفي ، ثم تأتي عقب ذلک الدراسة التطبيقية التي تبرز قيمة السياق وأثره في الدلالة المجازية، وقد کان للألفاظ القرآنية حظ موفور من الاستشهاد بها ، ولم لا وکل البحوث اللغوية إنما هي منوطة بخدمة القرآن الکريم، بيد أن اللهجات المعاصرة لم تکن بمنأى عن تلک الدراسة ، فقد تعرضت لها بصورة موجزة ، کدليل على أنها أيضا تحتوي على کثير من السياقات   التي تؤثر على الدلالة المجازية، وإني لأرجو من الله أن أکون قد وفقت في هذا البحث ، وأن يکون لبنة تساهم في بناء هذا الصرح من الدراسات الدلالية التي تحتاج الى مزيد من البحوث والدراسات ، لتميط اللثام عن ما تتمتع به لغة الضاد من ثروة لفظية ، وقدرة عظيمة على البيان ، والله أسأل أن ينفع به طلاب العلم والباحثين في جامعتنا العريقة جامعة الأزهر الشريف ، والله من وراء القصد وهو الهادي إلى سواء السبيل ........... الباحث .
 
 

الكلمات الرئيسية