فإن الصحة نعمة من نعم الله تعالى تستوجب الشکر من العباد عليها ، فالمؤمن إذا أنعم الله عليه بالصحة فعافاه وجب عليه أن يشکر ربه ، وإذا مرض التمس الدواء وسأل الله الشفاء ، فالله هو الشافي ، والقلوب تصدأ وتمرض ، والأبدان تسقم وتضعف ، والله تعالى يشفي القلوب کما يشفي الأبدان ، وقد تحدث القرآن عن الشفاء في ستة مواضع([1]) ثلاثة منها جاء الحديث فيها عن شفاء القرآن لقلوب المؤمنين ، وهي قوله تعالى )وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ ...( وقوله )يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءتْکُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّکُمْ وَشِفَاء لِّمَا فِي الصُّدُورِ ... ( وقوله )وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآناً أَعْجَمِيّاً لَّقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاء( . وموضعان جاء الحديث فيهما عن الشفاء مسنداً إلى الله تعالى ، أحدهما يفيد شفاء الله صدور المؤمنين ، وهو قوله )قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللّهُ بِأَيْدِيکُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنصُرْکُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ ( والآخر يفيد شفاء الله سقم المؤمنين ، وذلک على لسان إبراهيم – عليه السلام – في قوله )وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ ( . وموضع واحد جاء الحديث فيه عن شفاء ما يخرج من بطون النحل من شراب وهو العسل للناس ، قال تعالى )يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا شَرَابٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاء لِلنَّاسِ ( . هذا وقد اقتضت طبيعة البحث أن يأتي في ثلاثة مباحث على النحو التالي :
· المبحث الأول : شفاء الله تعالى للمؤمنين . · المبحث الثاني : شفاء القرآن لقلوب المؤمنين . · المبحث الثالث : شفاء ما يخرج من بطون النحل من شراب للناس بإذن الله
وتعقبها الخاتمة والفهارس ، وتقوم الدراسة على عرض هذه الآيات في سياقها من خلال منهج تحليلي ملائم ، نستطيع من خلاله رؤية النص القرآني رؤية بلاغية ، تتسم بالشمول والوضوح والدقة. وأسأل الله التوفيق والسداد ، وأن يجعل هذا العمل خالصاً لوجهه الکريم ، إنه ولى ذلک والقادر عليه . )وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللّهِ عَلَيْهِ تَوَکَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ (