مريم – عليها السلام – بين المسيحية والإسلام (دراسة مقارنة )

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

مدرس الدعوة والثقافة الإسلامية بکلية أصول الدين والدعوة الإسلامية جامعة الأزهر بأسيوط

المستخلص

فقد قدر الله – I – الاختلاف في العقائد والشرائع والألوان والألسنة والأمم فقرر أن ذلک أمراً يتصل بالحياة الدنيا ولا ينفک عنها ، قال تعالى : { وَلَوْ شَاءَ رَبُّکَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ * إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّکَ } ([1]) من أجل ذلک أقام الله - U - الحياة الاجتماعية بين الناس جميعاً على أساس الإخوة الإنسانية ، ولم يقصر المعاملات والمودة والمجاملات على الإخوة في الدين فقط قال تعالى : { يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاکُم مِّن ذَکَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاکُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَکْرَمَکُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاکُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ}([2]) .
وأساس التعايش بين المسلمين وغيرهم البر والعدل والسلم : { لَا يَنْهَاکُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوکُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوکُم مِّن دِيَارِکُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ } ([3]) .
والتاريخ مليء بالشواهد التي تدل على مدى سماحة المسلمين وحسن معاملتهم مع غيرهم من أصحاب الديانات المختلفة ، وليس أدل على ذلک من الوحدة الوطنية الرائعة بين مسلمي مصر وأقباطها تلک الوحدة التي يجب أن تبقى وأن تصان لتظل مفخرة على مدى التاريخ وإذا کان من العسير تذويب الفوارق بين أصحاب الأديان المختلفة ، فليس کذلک أن نوجد تلاقياً بينهم من أجل ذلک کانت فکـرة هذا البحث الذي أسميته : " مريم - عليها السلام - بين المسيحية والإسلام دراسة مقارنة " .
فمريم عليها السلام مقدسة في الإسلام فهي صديقة جعلها الله–U– وابنها آية للناس ، واصطفاها وطهرها على نساء العالمين ، لدرجة أن طائفة منهم اتخذتها وابنها إلهين من دون الله ، قال – تعالى – : { وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابن مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَکَ مَا يَکُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ کُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِکَ إِنَّکَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ } ([4]) ، وذلک لا يمنع أن يکون هناک اتفاق أو شبه اتفاق بين بعض طوائف المسيحيين والمسلمين بشأنها ، وهذا ما دفعني لخوض غمار هذا البحث .
هذا وقد اقتحمت هذا الباب الخطر سائلاً المولى – U – أن يلهمني الرشـد ويجنبني الزلل وأن يکون ذلک لبنـة في إتمام بناء جسر من التفاهم بين ديانتين من أکبر الديانات , راجياً منه – I – أن يوحد کلمة المسلمين وأن يحفظ مصر وأهلها وأن يديم وحدتها الوطنية إنه ولي ذلک والقادر عليه .
وقد اقتضت طبيعة البحث أن يأتي في مقدمة ، وثلاث فصول ، وخاتمة ، ثم ثبت بالمصادر والمراجع .
أما المقدمة : فقد تضمنت بعد الحمد والثناء على الله – U – والصلاة والسلام على رسوله محمد - r - أهمية الموضوع والباعث على الکتابة فيه .
وأما الفصل الأول فبعنوان : مريم عليها السلام في المسيحية .
وفيه أربعة مباحث :
المبحث الأول : مريم – عليها السلام – في الأناجيل .
المبحث الثاني : حياة السيدة مريم کما يصورها المسيحيون .
المبحث الثالث : عقائد المسيحيين في السيدة مريم .
المبحث الرابع : ظهورات السيدة العذراء .
أما الفصل الثاني : فعنوانه : مريم – عليها السلام – في الإسلام .
ويتضمن ثلاثة مباحث :
المبحث الأول : مريم – عليها السلام – في القرآن الکريم .
المبحث الثاني : مريم – عليها السلام – في السنة النبوية .
المبحث الثالث : حياة السيدة مريم عند علماء المسلمين .
أما الفصل الثالث فبعنوان: مقارنة بين مريم – عليها السلام – في المسيحية والإسلام .
ويشتمل على أربعة مباحث :
المبحث الأول : مقارنة بين ذکر مريم في الأناجيل المسيحية وذکرها في القرآن الکريم والسنة النبوية .
المبحث الثاني : مقارنة بين حياة مريم عند المسيحيين والمسلمين .
المبحث الثالث : نظرة المسلمين إلى عقائد المسيحيين في مريم – عليها السلام - .
المبحث الرابع : ظهورات العذراء في نظر المسلمين .
وأما الخاتمة فسأذکر فيها أهم النتائج والتوصيات التي سأتوصل إليها بإذن الله – تعالى – من خلال البحث .
ثم ثبت للمصادر والمراجع .
والله – U – من وراء القصد وهو حسبنا ونعم الوکيل وصلى الله على سيدنا محمد البشير النذير وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
الباحث / محمـد سـيد أحمـد سـليم
مدرس الدعـوة والثقافـة الإسـلامية
في کلية أصول الدين والدعوة بأسيوط
 

الكلمات الرئيسية