العموم والخصوص فى المصباح المنير ـ للفيومى المتوفى سنة 770هـ دراسة وتحليل

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

مدرس أصول اللغة فى کلية اللغة العربية بالزقازيق

المستخلص

الحمد لله رب العالمين نحمده ـ سبحانه وتعالى ـ أن هدانا لهذا ، وما کنا لنهتدى لولا أن هدانا الله .
والصلاة والسلام على أفصح الخلق لسانا، وأعذبهم بيانا، سيد الأولين والآخرين - r - وعلى آله وصحابته أجمعين .
وبعد
فموضوع (العموم والخصوص) له أهمية کبيرة، ومنزلة عظيمة فى مجال الدرس اللغوى .
وقد فطن السابقون من علماء العربية لهذه الأهمية فأولوها اهتمامهم وأفردوا لها فصولاً فى مؤلفاتهم ، تکشف النقاب عن ألفاظ العموم والخصوص وما لها من أثر دلالى .
فهناک ألفاظ عامة واسعة الدلالة،وهناک ألفاظ خاصة محدودة الدلالة،ودراسة هاتين الظاهرتين تکشف عن حکمة العرب فى التعبير عن أغراضهم ومعانيهم، کما تکشف عن عمق العربية ودقتها واتساعها وقدرتها على التفريق بين المعانى.
"ومن ضروب الدقة ما يظهر فى اقتران الألفاظ بعضها ببعض،فقد خصص العرب ألفاظا لألفاظ، وقرنوا کلمات بأخرى ولم يقرنوها بغيرها ولو کان المعنى واحداً،فقد قالوا فى وصف شدة الشىء:ريح عاصف،وبرد قارس،وحر لافح...إلخ"([1]).
"ودراسة المعنى هى أساس الدراسات اللغوية، وهى هدف اللغويين، ومن ثم فقد احتل البحث فى دلالة الألفاظ مکانة سامية ومنزلة مرموقة بين علوم اللغة ، وما کان ذلک ليحدث لولا ارتباطه الوثيق فى نشأته بأقدس کتاب لبحث غريبه وتفسيره ، والبحث فى أسباب نزول آياته، والوقوف على الأحکام الشرعية منها، فأفاد منه علماء التفسير والحديث وأصول الفقه"([2]).
وقد فطن المحدثون أيضا لموضوع ( العموم والخصوص ) ودرسوا ألفاظه ولکن تحت مسمى آخر وهو (عموم الوقوع المشترک، وعموم الاشتمال) ، وقسموا الخصوص إلى خصوص داخلى وخصوص خارجى([3]) .
وقد عنى أصحاب المعاجم عناية کبيرة بظاهرتى (العموم والخصوص) ومن هؤلاء: الإمام (أحمد بن محمد بن على الفيومى) فى کتابه (المصباح المنير فى غريب الشرح الکبير للرافعى) .
فقد اشتمل هذا الکتاب على عدد کبير من ألفاظ العموم والخصوص وکان سبب اختيارى لهذا الموضوع فى هذا الکتاب – بعد أن استخرت الله رب العالمين – أنه کتاب اعتمد مؤلفه فى تأليفه على سبعين مصنفا من أمهات کتب اللغة والأدب والفقه وغيرها مما جعل کتابه ذا قيمة علمية ولغوية کبيرة .
وقد نص المؤلف على أکثر هذه الکتب فى خاتمة الکتاب ، وأشار إليها المحقق فى المقدمة([4]) .
کما أن هذا الکتاب لم ينل حظه من الدراسة مثل غيره من الکتب السابقة کالعين للخليل بن أحمد والکتاب لسيبويه وغير ذلک .
ويضاف إلى ذلک : أن الأبحاث التى کتبت حول هذا الموضوع تعد قليلةمماجعلنىأفکرفىکتابةبحثحولهذاالموضوعفىهذاالکتاب القيم.
زد على ذلک: أن (الفيومى) قد نال شهرة فائقة منذ أن ألف هذا الکتاب واقترن اسمه به .
لهذا کله رأيت أن يکون هذا الکتاب موضوعا لهذا البحث .
ويشتمل هذا البحث على مقدمة وتمهيد وقسمين وخاتمة وفهرس للمصادر والمراجع، ثم فهرس للموضوعات .
ففى المقدمة عرضت لأهمية الموضوع وسبب اختيارى له ومحتوياته ومنهجى فيه .
وفى التمهيد : لمحة موجزة عن الفيومى وکتابه: المصباح المنير.
أما القسم الأول : فقد تناولت فيه (العموم)، وبدأت بتعريفه، وأهم ما کتب فيه عند السابقين، وقمت بدراسة أکثر ألفاظ العموم، ثم سردت الباقى منها دون دراسة ـ لضيق المقام ـ ورتبتها ترتيبا ألفبائيا ليسهل الوصول إليها.
وأما القسم الثانى: فقد تناولت فيه (الخصوص) وبدأت بتعريفه ، وذکرت أهميته والقيمة اللغوية له، ثم درست ألفاظ الخصوص التى وردت فى المصباح المنير .
ثم جاءت الخاتمة وفيها سجلت أهم نتائج البحث .
وبعد الخاتمة فهرس المصادر والمراجع ثم فهرس الموضوعات.
وکان منهجى فى هذا البحث – بعد أن جمعت ألفاظ العموم والخصوص من الکتاب ، کنت أبدأ المادة بذکر نص الفيومى مشيراً فى الهامش إلى رقم الجزء والصفحة ، ثم أتبعه بالتأصيل من کلام الأئمة السابقين، وعلى رأسهم: الخليل بن أحمد والأزهرى وابن دريد وابن فارس والجوهرى وابن سيده .
وکان الفيومى ينص – کثيراً – على من نقل عنهم من العلماء، وأحيانا لا ينص، وکان أميناً فى نقله عن السابقين، فقد وجدت نصوصه التى نقلها تکاد تکون بنصها، وقد وثقت ذلک من مصادره المتاحة وأثناء البحث تبين أنه قد نبه على کثير من مسائل فقه اللغة، وذلک واضح فى ثنايا البحث .
وقد بذلت قصارى جهدى فى هذا البحث راجيا الأجر والثواب من الله رب العالمين، ومؤملاً أن ينال القبول لدى أساتذتى الکرام ، الذين علمونا وما زلنا نتعلم منهم من خلال مؤلفاتهم وأبحاثهم التى تعد مصابيح على الطرق يهتدى بها کل باحث ودارس، فجزاهم الله عنا وعن العربية خير الجزاء .
وأسأل الله أن يطيل بقاءهم، وأن يمن عليهم بالصحة والعافية فحياتهم کلها خير للإسلام والمسلمين.
الباحث
د/ نعيم عطوة محمد فرج
 
 

الكلمات الرئيسية