ما أنکره الأصمعيُّ من الأفعال وهو لغة دراسة في لسان العرب لابن منظور

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

المدرس في قسم أصول اللغة في کلية اللغة العربية بالقاهرة ، جامعة الأزهر

المستخلص

الحمْدُ للهِ الواحدِ القَهَّارِ ، العَزيزِ الغَفَّارِ ، مُکَوِّرِ اللَّيْلِ على النَّهَارِ، تَذْکِرَةً لأُولي القُلُوبِ والأَبصَارِ ، وتَبْصرَةً لِذَوي الأَلبَابِ واَلاعتِبَارِ ، والصلاةُ والسلامُ على سيدنا محمد ، الفاتحِ لمَا أُغلق ، والخاتمِ لما سَبَق ، ناصرِ الحقِّ بالحقِّ، والهادي إلى صراطٍ مستقيم ، وعلى آله الأبرار ، وصحابته الأخيار ، الصفوةِ من أمتِه الأخيار، ما تعاقب الليلُ والنهار ، إلى يوم الدين ، أما بعد ...
فمن وسائل حفظ الله لکتابه أن هيَّأ للغته الجليلة القدر، العظيمة الشأن، جنودًا أفنَوْا حياتهم في خدمتها ، استعذَبوا المشاق ، واستلذُّوا الصعاب، فقطعوا الفيافي، وشافهوا الأعراب الخُلَّص الموثوق بدقة لغتهم ، حتى أنفدوا کثيرًا من الأوراق والأحبار ؛ لجمع المادة اللغوية من منابعها الصافية ، من أمثال الخليل وسيبويه والکسائي والفراء والأصمعي وغيرهم ، إلا أن بعضهم -کالأصمعي- بلغت به غيرتُه المحمودةُ على اللغة أنه کان ينکر ما لم يسمعْه ، وينفي وجوده في اللغة، ولو أننا سلَّمنا لکل لغوي ينکر ما لم يصل إلى سمعه وترکْنا له المجال، لذهب معظمُ اللغة بالإنکار، لا سيما والعربية بحر لا ساحل له ، ومن ظن أنه يحيط باللغة فقد وهم ، والقاعدة تقول " من سمع حجّةً علا من لم يسمع " .
فکان دافعي إلى هذا البحث إماطة اللثام عن تلک الألفاظ التي أنکر وجودَها الأصمعيُّ -رحمه الله- ، وقد اتخذَّتُ معجم ( لسان العرب ) نموذجًا ؛ لکثرة نقله عن الأصمعي ، حيث نصَّ عليه ابنُ منظور أکثر من ألفي مرة في اللسان .
هذا ، وقد تعددت جوانب تلک الدراسة ، وکان أُولى هذه الجوانب (الجانب الصوتي) الذي أفردت له دراسة خاصة تم نشرها ، عنونت لها بعنوان (ما أنکره الأصمعي وهو لغة ، دراسة صوتية في لسان العرب لابن منظور) ، وفيه ترجمت للإمام ترجمة وافية ببيان مولده ونشأته وشيوخه وتلاميذه وأقوال العلماء فيه وثنائهم عليه ، فلا وجه لإعادتها ثانية ، ثم کان هذا هو الجانب الثاني وقد خصصته بدراسة الأفعال التي أنکرها الإمام -رحمه الله- ، ذلک  أن الفعلَ هو أهمُّ عناصر الجملة، فهو الذي يسيطر على بنائها ، ويتحکم في تنسيق أجزائها([1]) ، وجاءت هذه الدراسة تحت عنوان:
ما أنکره الأصمعي من الأفعال وهو لغة
دراسة في لسان العرب لابن منظور
واقتضت طبيعةُ البحث أن يکون في مقدمة وخمسة مباحث وخاتمة:
أما المقدمة فبينت فيها حفظَ الله لهذه اللغة الجليلة بعلماء حملوا على عاتقهم جمعَها وتدوينَها ، وميلَ بعض هؤلاء الکرام إلى إنکار ما لم يصل إليهم، وبينتُ سبب اختياري للموضوع ، ومنهجي في عرضه .
وجاء المبحث الأول تحت عنوان: ما أنکره الأصمعي من (فَعَلَ وأَفْعَلَ) وهو لغة.
أما المبحث الثاني فکان تحت عنوان : ما أنکره الأصمعي من الأفعال مشدَّدًا ومخففًا وهو لغة.
وکان المبحث الثالث تحت عنوان : ما أنکره الأصمعي من اختـلاف حـرکة عين الماضي والمضـارع وهو لغة.
وجاء المبحث الرابع تحت عنوان : ما أنکره الأصمعي من المبني للمعلوم والمبني للمجهول في الأفعال وهو لغة.
ثم کان المبحث الخامس بعنوان : ما أنکره الأصمعي من التعدي واللزوم في الأفعال وهو لغة.
ثم کانت الخاتمة التي ضمنتها أهمَّ النتائج التي تمخَّضتْ عنها الدراسةُ .
أقول: وحاشا أن يغض ذلک البحث من قيمة الإمام الأصمعي، فأَنَّى لمثلي أن ينال من قمة شامخة کالإمام، فهو " صِنَّاجة الرواة والنَّقَلة ، وإليه مَحَطُّ الأعباء والثَّقَلة ، ومنه تُجنى الفقر والمُلَح ، وهو ريحانة کل مُغْتبق ومصطبح ، کانت مشيخة القراء وأماثلهم تحضره -وهو حدث- لأخذ قراءة نافع عنه ، ومعلوم کم قُدِّر ما حُذف من اللغة فلم يثبته ، لأنه لم يقْوَ عنده إذ لم يسمعه "([2]) ، وإنما يرفعُ البحثُ قدرَه، ويُعلي شأنه ، فإنما هي هناتٌ معدودةٌ تذوب في بحر علمه، وإني لأردد مع ابن جني قوله: "فأما إِسْفافُ من لا علم له، وقولُ من لا مُسْکةَ به : إن الأصمعي کان يزيد في کلام العرب ، ويفعل کذا ، ويقول کذا ، فکلام معفوٌّ عنه ، غيرُ معبوء به، ولا منقوم من مثله ؛ حتى کأنه لم يتأدَّ إليه توقفُه عن تفسير القرآن وحديث رسول الله (r) وتحوُّبه من الکلام في الأنواء ".([3])
واللهَ (U) أسألُ أن يکون هذا البحثُ لبنةً من لبنات الحفاظ على العربية من ضياع ألفاظها ، کما أسأله (Y) أن يجعله خالصًا لوجهه الکريم ، إنه نعم المولى ونعم النصير .
د. محمد عبدالعال السيد إبراهيم


 

الكلمات الرئيسية