الجانب الروحى فى حياة السلف وأثره فى نشأة التصوف

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

مدرس العقيدة والفلسفة فى کلية أصول الدين والدعوة بأسيوط

المستخلص

إن علم التصوف کما يراه کثير من الباحثين يمثل الحياة الروحية في الإسلام ولذلک يقعد له أصحابه قواعده وقوانينه ومنهجه وموضوعاته ببداية الإسلام استنتاجاً من القرآن الکريم وسنة الرسول الأمين ( r ) واستخلاصاً من حياة رسول الله ( r ) ، وحياة الصحابة من بعده حيث يرى هؤلاء الصوفية أن الإسلام هو الذي أرسى قواعد هذا العلم ومنه أخذت موضوعاته ومصطلحاته ونظرياته ، وعلى هذا فعلم التصوف ليس علماً غريباً عن الإسلام ، وإنما هو من صميم الإسلام وأحد علومه الأصلية .
لذلک عندما نتکلم عن الجانب الروحي عند السلف فالذي يقصد بهذا العنوان إنما هو إعطاء صورة وافية ومقنعة عن الحياة الروحية لرسول الله ( r ) وکذلک الحياة الروحية لحياة الصحابة الکرام ( رضوان الله عليهم أجمعين ) حيث کانوا أمثالاً وقدوة في زهدهم وتقشفهم وعبادتهم وتنسکهم ، کما رسموا منهج الحياة للمسلم في دينه ودنياه ، وربطوا ما بين الحياة الدنيوية والحياة الأخروية بنظام استقوه من وحي الله قرآناً وسنة وأحاديث قدسية .
لقد أخذ أصحاب رسول الله ( r ) هذه الحياة بعزة وکرامة وعفة ونزاهة ، وزهد وتقشف ، واشتهر من أصحاب رسول الله ( r ) زهاد وعباد ونساک استقوا منهجهم في الزهد والتنسک والعبادة من القرآن الکريم ، والسنة النبوية الشريفة ، فقد طبقوا آيات القرآن التي تدعوا إلى الزهد والتقشف کما طبقوا أحاديث الرسول ( r ) التي تدعوا إلى التنسک والمجاهدة فکانوا بحق زهاداً وعباداً ونساکاً .
لذا لو أردنا أن نؤصل لبداية الحياة الروحية في الإسلام لوجدناها تبدأ من حياة رسول الله ( r ) وأصحابه ، وما کانوا يأخذون به أنفسـهم من زهد في الدنيا ، وإعراض عن زخرفها وجاهها ، وإقبال على الله ( U ) بقلوبهم ، فتحنث النبى ( r ) الذي کان يقضي فيه الأيام والليالي وحيداً معتزلاً للناس في غار حراء قبل أن يهبط عليه الوحي ، وحياة أبي بکر وعمر وعثمان وعلي ، وسيرة بلال الحبشي وأبي ذر الغفاري ([1]) وتميم الداري وغيرهم وما کان يأخذ به أولئک وهؤلاء وکثير غيرهم من الصحابة أنفسهم من تعبد وتقشف ومجاهدة للنفس ومعاندة للشيطان وجهاد في سـبيل الله ، کل أولئک يمکن أن يعد بذوراً أولى انبثقت منها دوحة الحياة الروحية التي نمت بعد ذلک وزکت ، وامتدت أغصانها ، وانبعث ، فإذا هي تنشر ظلالها وتؤتي أکلها في حياة التابعين ، وغير التابعين ممن جاءوا بعدهم ، وکانت لهم شدة عناية بأمر الدين ([2]) .



 

الكلمات الرئيسية