أثر الوزن في البناء الصرفي للقافية

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

الباحث في مجمع اللغة العربية بالقاهرة والأستاذ المساعد بقسم النحو والصرف وفقه اللغة بکلية اللغة العربية جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض

المستخلص

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه أجمعين، أما بعد، فهذا بحث لغوي بيني، يعتمد على حقلين علميين، هما: علم العروض والقافية، وعلم الصرف، أدرس فيه أثر وزن القافية على البناء الصرفي للکلمة الأخيرة في بيت الشعر؛ حيث لا يمکن لأحد العلمين أن يعالج موضوع البحث دون الآخر.
وترجع صلتي بالبحث إلى أربعة الأعوام التي عملت فيها محررًا مقيمًا لمعجم لغة الشعر العربي بمجمع اللغة العربية، بإشراف ثلاثة من العلماء الأجلاء، هم: الأستاذ الدکتور محمود الربيعي (صاحب فکرة المعجم)، والأستاذ الدکتور السعيد بدوي رحمة الله عليه، وأستاذي الدکتور محمد حماسة عبد اللطيف.
وقد کان من مکملات فکرة الدکتور الربيعي: ما أشار به الدکتور السعيد بدوي من الاستعانة بمحلل صرفي إلکتروني يمکننا من تحليل نصوص الشعر العربي صرفيًّا، وکان ما أشار به، وطور المجمع محللا صرفيَّا رائعًا، مکننا من تحليل أکثر من ثلاثة ملايين بيت من الشعر، حصلنا بعدها على خزانة کبيرة من الشعر المفهرس على حروف المعجم، والمرتب داخليًّا على أبنية الصرف؛ فإذا أردت أن تبحث في هذه الخزانة الإلکترونية عن مادة (ضرب) مثلا، ستجدها رُتبت على تصاريفها المختلفة الاسمية والفعلية، وفي کل صورة من التصاريف رُتبت شواهد الشعر من القديم إلى الحديث.
وفضلا عن هذه الخزانة اللغوية الکبيرة، أصبح لدينا أيضًا عينة بحثية ثمينة، لإبداع مئات الأبحاث العلمية المعتمدة على لغة الشعر (صوتًا وصرفًا ونحوًا ودلالة وعروضًا وقافية وبلاغة ...)، ففکرتُ أول الأمر في بحث عن "أثر الوزن العروضي في البناء الصرفي للشعر العربي" وکنت آمل أن يعتمد البحث على هذه الخزانة الشعرية کاملة، ثم تبين أن العمل يحتاج إلى وقت طويل ربما يضيع العمر کله قبل إنجازه! فقد صرت إذن أمام عقبتين حائلتين دون إنجاز هذا البحث: أولاهما: کِبَر حجم المادة المتاحة، وثانيتهما: کِبَر حجم البحث نفسه.
وفي النهاية رأيتُ – تخطيًا لعقبة المادة الشعرية الضخمة، أن أکتفي بقصيدة لتکون نموذجًا للوزن العروضي أو القافوي الذي أُجري عليه الدراسة، وتخطيًا لعقبة الوقت، رأيت أن أُنجِّم مباحث هذا العمل إلى بحوث صغيرة، يعالج کل منها جزءًا من الوزن العروضي أو القافوي، وبعد أن يعينني الله على إتمام هذه البحوث المتفرقة، سأجمعها في عمل شامل عنوانه "أثر الوزن العروضي في البناء الصرفي للشعر العربي"، فأسأل الله أن يعينني على بلوغ المُرام؛ إنه وليّ التوفيق والسداد.
وقبل أن أدلف إلى القسم الأول من البحث، أذکر بإيجاز البحوث السابقة عليه، ومنها تلک الدراسات التطبيقية التي تناولت الأبنية الصرفية في بعض من دواوين الشعر العربي، مثل:
-       الأبنية الصرفية في ديوان امرئ القيس (دکتوراه)، صباح عباس سالم، إشراف: د. محمود فهمي حجازي، کلية الآداب، جامعة القاهرة، 1978.
-        الأبنية الصرفية في ديوان عامر بن الطفيل، إعداد جنهويتشي؛ إشراف علي الحمد، (ماجستير)، جامعة اليرموک 1985.
-       الأبنية الصرفية في ديوان عنترة، إعداد عبد الحميد محمد الأقطش؛ إشراف محمود فهمي حجازي، (ماجستير)، جامعة القاهرة 1978.
-        الأبنية الصرفية ودلالاتها في ديوان طرفة بن العبد، إعداد جمال ترکي صالح أبو نعاج؛ إشراف سمير استيتية، (ماجستير)، جامعة اليرموک 2000.
-       أبنية المصادر في شعر الأعشى: دراسة وصفية تحليلية, صابر سيد عويس, 27/9/2006م, (ماجستير).
إلا أن هذا البحوث قصدت إلى الأبنية الصرفية قصدًا، وانطلقت منها بغرض رصدها رصدًا کميًّا، وتصنيفها، ورصد الظواهر الصرفية المختلفة فيها، ولم يتناول أي منها أثر الوزن العروضي على البناء الصرفي، ولهذا فلا فرق بينها وبين غيرها من البحوث المشابهة المطبقة على نصوص نثرية.
ومن البحوث التي جذبني عنوانها وخلتُه أول الأمر مستوعبًا لفکرة بحثي، بل ومغنيًا عن کتابته: "أثر الوزن في مبنى الشعر ومعناه عند النقاد القدماء حتى نهاية القرن الخامس الهجري، للدکتور خالد عبد الله الغازي، رسالة ماجستير، کلية اللغة العربية، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، 1425ه، وقد عقد فيه الباحث فصلين کاملين يتصلان بموضوع البحث، من ص 44 إلى 171، وهما: (الفصل الثاني: أثر الوزن في خلل المبنى، والفصل الثالث: أثر الوزن في الضرورة الشعرية).
إلا أن الباحث لم يزد على کلام القدامى في الضرورة الشعرية، ولم يُجر تحليلا صرفيًّا استقرائيًّا لنماذج شعرية ليرصد أثر الوزن في البناء الصرفي، فلم يکن من بد من الشروع في بحثي الذي يعتبر وزن الشعر في حد ذاته ضرورة، تستدعي تتبع آثارها في الأبنية الصرفية للشعر.
هذا وقد جاء البحث في قسمين: أولهما قسم نظري، يعرض لخصوصية الشعر العربي من ناحية الأبنية الصرفية، ويعرض أيضًا لبعض المصطلحات التي استخدمها الباحث في الدراسة، ويلي ذلک قسم تطبيقي، قائم على عينة من القصائد في صور القوافي المختلفة، مع استخلاص للأبنية الصرفية المستخدمة في کل نوع من القوافي، وجداول توضيحية لهذه الأبنية في القصائد عينة الدراسة.

الكلمات الرئيسية