قصيدة أبي إسحاق الإلبيري فى ندب إالبيرة دراسة بلاغية نقدية

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

المدرس في قسم البلاغة والنقد بکلية اللغة العربية بالمنوفية والأستاذ المساعد في جامعة سلمان بن عبدالعزيز

المستخلص

فقد أردت من وراء تناول قصيدة الإلبيري (في ندب إلبيرة) بالتحليل البلاغي والدرس النقدي ما يلي:
أولا: الوقوف على أثر هذا الموضوع على منهج الإلبيري في بيانه الشعري عنه، ومدى مناسبة هذا البيان له، مع إبراز جوانب القوة والضعف فيه.
ثانيا: حسن قراءة شعر العربية، ومحاولة امتلاک مفاتيح تذوقه، إيمانا مني بأن الإحسان في ذلک باب من أبواب الولوج إلى إحسان الإيمان بالله عزوجل، إذ هو الطريق إلى فهم لغة القرآن الکريم، وأحد مفاتيح العلم بها.
ثالثا: إثراء مکتبة البلاغة والنقد بعمل علمي يخص هذه القصيدة بالدراسة البلاغية المشفوعة بالرؤية النقدية، لخلوها - فيما أعلم - من عمل قام بذلک، على الرغم من أن رثاء المدن غرض اشتهر في بلاد الأندلس، وقامت لأجله کثير من الدراسات البلاغية والنقدية، إلا أن هذه القصيدة لم تأخذ حظها من الدرس التحليلي النقدي.
رابعا: أن أَدُقَّ به ناقوس الخطر، وأُحَذِّرَ من خلاله أبناء بعض البلاد العربية من البعد عن منهج الله تعالى (قرآنا وسنة)، ومن الفرقة والتشرذم، واختلاف القلوب بسبب اختلاف الفکر والرأي، لأن ذلک کله من أسباب هلاک الأمم، وخراب الدول، قال تعالى "وَکَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِ فَحَاسَبْنَاهَا حِسَابًا شَدِيدًا وَعَذَّبْنَاهَا عَذَابًا نُکْرًا. فَذَاقَتْ وَبَالَ أَمْرِهَا وَکَانَ عَاقِبَةُ أَمْرِهَا خُسْرًا)(الطلاق9،8)، وقال جل شأنه "وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُکُمْ"(من الآية 46 من سورة الأنفال).
ذلک أن إلبيرة التي يندبها أحد أبنائها کانت ذات يوم تسمى (سَنَام الأندلس)، ثم حقّت عليها سنة الله الکونية، فانتشر بين أبنائها ما کان سببا في خرابها، ورحيل الناس عنها، مما دفع أبا إسحاق الإلبيري إلى ندبها والبکاء عليها في القصيدة التي بين أيدينا، والتي تملکتني الرغبة وأخذت تلح علي إلحاحا في دراستها وفقه بيان الشاعر فيها، ومعرفة أسرار تعبيره عن معانيها، مع محاولة الحکم على ذلک حکما خاليا من التعصب، بعيدا عن العاطفة التي نشأت بيني وبين الشاعر، وبيني وبين وطنه، الذي أرى فيه صورة ماضية لما يحدث حاليا في کثير من الأوطان.
وقد اختارت هذه الدراسة لنفسها المنهج الاستقرائي، القائم على دراسة کل ما يحيط بالموضوع وما يتصل به، من حيث المبدع والمناسبة، مع تناول القصيدة بالتحليل والتعليل والتأويل، و(مواجهة هذا العمل الأدبي بالقواعد والأصول الفنية المباشرة...ثم النظر في قيمه الشعورية وقيمه التعبيرية، ومدى ما تنطبق على الأصول الفنية لهذا الفن من الأدب، ومحاولة تلخيص خصائص الأديب الفنية ... من خلال أعماله)([1]).
ولذلک کان لهذا البحث تلبث طويل ووقوف مديد مع القصيدة بالقراءة والنظر والمخادنة، ثم بالتقسيم إلى مقاطع ولوحات، تتناغم أبيات کل مقطع مع بعضها، وتنسجم مع غيرها من مقاطع القصيدة ولوحاتها، ثم بالنظر في المفردات التي عبر بها الشاعر عن معانيه، ثم بالتأمل في الأساليب البلاغية التي ارتکز عليها في تحقيق الغرض الذي نظم قصيدته من أجله.
کما کان لهذه الدراسة اهتمام بإبراز العلاقة بين البيت وأخيه في اللوحة الواحدة، واستنباط العلاقة بين اللوحة وأختها، أو بين المقطع وأخيه في القصيدة کلها، مع محاولة إبراز علاقة المعاني التي عبر عنها الشاعر بموضوع القصيدة، أو بالأحرى محاولة إبراز أثر إلبيرة فيما جاء به الشاعر من معان، وما اصطفاه لذلک من کلمات وجمل وأساليب.
ولم يفت الدراسة أن تتوقف في شقها النقدي عند بعض القضايا النقدية التي يمکن معالجتها من خلال هذه القصيدة، مع إبداء الرأي في ما عبر به الشاعر، سواء بالاستحسان أو بإبراز جوانب الضعف.
وسعيا إلى تحقيق ما أصبو إليه جاء هذا العمل في مقدمة وتمهيد ومبحثين وخاتمة:
-   المقدمة: کانت لتوضيح الأسباب الدافعة إلى هذا العمل، والمشکلة التي انطوى عليها النص الشعري الذي يقوم على دراسته ونقده، مع بيان المنهج المتبع في تناوله.
-   والتمهيد: ألقيت فيه الضوء على الشاعر (أبو إسحاق الإلبيري) وشعره، من غير إطناب ممل، ولا إيجاز مخل، ثم تحدثت عن إلبيرة - کمثير شعري - حديثا موجزا يساعد على تَعَرُّفِها وتقدير مکانتها بين مدن الأندلس، ثم أوردت فيه نص القصيدة التي قالها الإلبيري في ندب إلبيرة، کما هي في ديوانه.
وتجدر الإشارة إلى أنني لم أقف على شعرٍ للإلبيري سوى في الديوان، الذي حققه الدکتور محمد رضوان الداية، وأنه ليس للقصيدة غير النسخة التي وردت فيه، والتي قامت الدراسة عليها.
-       والمبحث الأول: خصّصته لدراسة القصيدة دراسة بلاغية تحليلية، وقمت فيه بتقسيمها إلى خمس لوحات، تمثل کل لوحة فيها مقطعا من مقاطع القصيدة.
کانت اللوحة الأولى بعنوان: لوم وعتاب.
والثانية بعنوان: مزايا ومآثر.
والثالثة بعنوان: إلبيرة بين الماضي والحاضر.
والرابعة بعنوان: حسرة وسلوى.
والخامسة بعنوان: عبرة وموعظة.
-       والمبحث الثاني: جعلته لدراسة القصيدة من الناحية النقدية، وفيه وقفت مع قضايا: الألفاظ، والمعاني، والصورة الشعرية، والموسيقى بنوعيها، ووحدة النص وتماسکه.
-       والخاتمة: أوردت فيها أهم النتائج التي توصلت الدراسة إليها.
والله تعالى أسأل أن يجعل هذا العمل خالصا لوجهه الکريم، وأن يحقق من ورائه الغاية المرجوة والأهداف المأمولة، إنه وليُّ ذلک والقادرُ عليه.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين،،،
وکتبه
صبحي إبراهيم عفيفي المليجي
 

الكلمات الرئيسية