الآرَاءُ النَّحْوِيَّةُ لِأَبِي الحُسَين الفَارسِيّ (ت421هـ) فِي ضَوْءِ کِتَابِ المٌقْتَصِد فِي شَرْحِ الإيْضَاح للجُرجَانِيّ

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

أستاذ مساعد بقسم اللغة والنحو والصَّرف کلية اللغة العربية – جامعة أم القرى

المستخلص

الحَمْدُ لِلَّهِ الذي عَـلَّم بالقَلم، عَلَّمَ الإنسانَ مَا لمْ يَعلمْ ، الحَمْدُ للهِ الذي کرَّمَ الإنسانَ بالعَقـلِ ليَرقَى ويَـفْـهَم، والصَّلاةُ والسَّلامُ عَلى نَبِيِّ الأُمَم، سَيِّدِنا مُحَمَّدٍ الأَجَلِّ الأکْرَم، وعَلى آلِهِ وصَحْبِه، ومَنْ تَبِعَهُم بِإحْسَانٍ إلى اليَوْمِ الأَعْظَم .
أمَّا بَعْد :
   فـ( کِتَابُ المٌقْتَصِد فِي شَرْحِ الإيْضَاح )([1]) أثرٌ نفيسٌ مِنْ آثار الإمام أبي بکر الجُرجَانِيّ( ت471هـ ) ويُعدُّ مِنْ أهَمِّ کُتبِه النَّحويَّةِ التي تکشِفُ عن شخصيَّتهِ ومکانتِه في النَّحو ، فضلاً عنْ أنَّهُ شَرْحٌ لکتابِ (الإيضاح) للشيخ أبي علي الفارسي( ت377هـ) الذي حَملَ لِواءَ النَّحْوِ في مرحلةٍ مِنْ أخطرِ مَراحلِه وتطوُّر دَرْسِه ، فأنشأَ مدرسةَ بغداد في وقتٍ کانَ فيه الباحثون يَنْحَازونَ بقوةٍ إمَّا إلى البَصْرةِ وعُلمائِهَا،أو الکوفةِ ونُحاتِهَا،فأنشأَ مدرسَةً تَـبَـلْوّرَتْ فيهَا آراءُ نُخبَةٍ مِن العُلمَاء،واتَّـضَحَ مَنْهَجُهُـم،وأخَذوا دَوْرَهم الهَـامَّ في تطوُّر الدَّرسِ النَّحوي([2]).
   کانَ مِن بينِهم: الشيخُ أبو الحُسَين الفارسي ( ت421 هـ ) الذي کانَ مِنْ کِبار أئمة العربية في عَصْرِه، وهو مُعَلِّمُ الجُرجَانِيّ، وقد أخَذَ عِلمَ العربيةِ عَنْ خالِهِ الشيخِ أبي علي الفارسي صاحِبُ کتابِ( الإيضاح) .
   ولأبي علي الفارسي، وابْنِ أختِهِ أبي الحُسَين، والجُرجَانِيّ، وغيرِهم آراءٌ مُتَنَاثِرةٌ في کتاب المُقتَصِد، لاتَخْفَى على ذِهْنٍ حَصِيف، وقَدْ رأيتُ بمَعونةِ اللهِ وتوفيقِه أنْ أُسّلِّطَ الضَّوءَ على الآراءِ النَّحْويَّةِ التي قَدَّمهَا الإمامُ الجُرجَانِيّ عَنْ شَيْخِهِ أبي الحُسَين، في هذا البحث المَوْسُومِ بـ :
الآرَاء النَّحْوِيَّة لأبي الحُسَين الفَارسي ( ت421هـ ) فِي ضَوْءِ کِتَابِ المٌقْتَصِد فِي شَرْحِ الإيْضَاح للجرجاني .
   وقدْ دفعَني إلى اختِيار هذا المَوضوع عِدَّةُ أسْبَابٍ مِنْها :
1-          لمْ يَحْظَ أبو الحُسين الفارسي بدراسَاتٍ مُتَخَصِّصَةٍ تُميطُ اللثامَ عن فِکرِه النَّحوي - فيما أعلم- .
2-           حِکايةُ الجُرجانيّ عَنْه کثيراً في کتابِ المُقتَصِد ؛ فهوَ لمْ يَلْقَ شيخاً في العربية غيره  .
3-     مُحاولةُ حَصْرِ الآراءِ النحوية لهذا العَالِم الجَلِيل ، وبَسْطِ البَحثِ فيها في مَکانٍ واحِدٍ ؛ تسهيلاً على الباحثين ، وتقريباً للطالبين إذا ما احْتاجوا إليها أو إلى بَعْضِها .
4-    الإسْهَامُ في إثراءِ المکتبةِ العَرَبيةِ بشىءٍ جَدِيد ، عَسَى أنْ يَکونَ سَنَداً لِطلبَةِ العِلْمِ ، وسبباً لَهُم في الإقبالِ على العِلْمِ وأهْلِه .
   وقد استوى البحثُ في : فَصْلين، تسبقهما مقدِّمةٌ، وتَـقفوهُما خاتمةٌ .
وتفصيلُ ذلک على النحو التالي :

·     المقدمة : وفيها الحديثُ عنْ دوافِع اختِيارِ المَوضوع ، ومَنهجُ الدِّراسة .
·        الفصلُ الأوَّل : أبوالحسين الفارسي وعبدالقاهر الجرجاني. وَفِيهِ ثَلاثةُ مَبَاحِثٍ:
·         المبحثُ الأوَّل : ترجمةٌ لأبي الحسين الفارسي . وفيهِ ثَمانِيَةُ مَطالِبٍ :

( اسمُه ونَسَبُه وکُنيتُهُ ولقَبُه ، مَولِدُهُ وأسرته ، مَکَانتُهُ ، رحلاتُه ، شَيْخُه ، تلاميذُه ، مُؤلَّفاتُه ، وفاتُه )0

·        المبحثُ الثّاني : اتِّجَاهُه النَّحويّ .
·        المبحثُ الثَّالِثُ : تَرجمةٌ موجَزةٌ لعبدالقاهر الجُرجَانيّ، ونُبذةٌ عَن کتابه المُقْتَصِد.

             وفيهِ سِتَّةُ مَطالِبٍ:
   ( اسمُه ونِسبَـتُه وحَياتُه ولقَبُه ، شيخُه ، تلاميذُه ، مُؤلَّفاتُه ، وفاتُــه ، نُبْذَةٌ عَنْ کتابِ المُقْتَصِدُ )

·        الفصلُ الثَّاني : الآراءُ النَّحْويَّةُ لأبي الحُسَينِ الفارسِيّ فِي المُقْتَصِد. وفيهِ سَبْعَ عَشرةَ مِسْألةً .
§     المسألة الأولى : لفظُ ( کِلا ) بين الإفراد والتثنية .
§     المسألة الثانية : الخِلافُ في رافِعِ الفِعْلِ المُضَارع . 
§     المسألة الثالثة : عاملُ الرَّفع في المُبْتَدأ .
§     المسألة الرابعة : الإخْبَارُ بِظَرْفِ الزَّمَانِ عَنْ الجُثَّة .
§     المسألة الخامسة : زِيَادَةُ ( کانَ ) بينَ الجَارِّ والمَجْرور .
§     المسألة السادسة : الخِلافُ في تَقْديمِ خَبَرِ( لِيْسَ ) عَليْهَا .
§     المسألة السابعة : حَذْفُ مَفْعُولَي ( ظنَّ ) .
§     المسألة الثامنة : الفَرقُ في الدّلالة بَيْنَ ( عِنْدَ ) و( لَدَى ) .
§     المسألة التاسعة : حُکْمُ ( ابْن أمّ ) في النِّداء .
§     المسألة العاشرة : الأصْلُ في دلِالةِ ( رُبَّ ) .
§     المسألة الحادية عشرة : الفَرقُ في الدّلالة بَيْنَ ( مِنْ ) و( عَنْ )  .
§     المسألة الثانية عشرة : الخِلافُ في مَنْعِ صَرْفِ ( أحْمَرَ ) إذا سُمِّيَ بِهِ ثمَّ نُکِّر.
§     المسألة الثالثة عشرة : الخِلافُ في مَنْعِ ( سَرَاويل ) مِن الصَّرفِ . 
§     المسألة الرابعة عشرة : ( لَنْ ) بَيْنَ البَسَاطَةِ والتَّرْکيب . 
§     المسألة الخامسة عشرة : نَصْبُ المُضَارعِ بـعْدَ ( حَتَّى ) . 
§     المسألة السادسة عشرة : الخِلافُ في أصْلِ الأمْرِ وإعْرابِه .
§     المسألة السابعة عشرة : أًصْلُ ( مَهْمَا ) .
§  الخاتمة : واشتملت على أهم النتائج التي تمخَّضت عنها هذه الدراسة .

  ثُمَّ ذَيَّلتُ البَحثَ بفهرس للمَصادر والمَراجع، وآخر للموضوعات؛ تسهيلاً على القارىء الکريم.
وقد اعتمدتُ على المنهج التحليلي الاستقرائي فِي عَرْضِ الآراءِ مُتَّبِعَاً الخُطواتِ الآتية :

§  أوَّلاً : قِراءةُ کِتَابِ المٌقْتَصِد فِي شَرْحِ الإيْضَاح ، واستخراجُ المَسائِل التي تُبرِزُ الآراءَ النَّحْويَّةَ لأبي الحُسين الفارسي منه .
§     ثانياً : وَضْعُ عُنوانٍ لِکُلِّ مَسْألةٍ ، والحِرصُ على أنْ يکونَ العُنوانُ مُوجَزَاً قَدْرَ الإمکان ، وأنْ يُعَبِّرَ عَنْ مَوضوعِها .    
§  ثالثاً : تَصديرُ المَسائِل بِنَصِّ الجُرجَانِيّ في المُقْتَصِد الذي وَرَدَ فيه رأيُ شيخِهِ أبي الحسين الفارسي، وتوثيقُه ، وعَدمُ التَّصَرُّفِ فيهِ إلَّا إذا لَزمَ الأمر ،بحيث لا يخلُّ ذلک بالمعنى العام .
§   رابعاً : دِراسةُ کُلِّ مسألةٍ وبَسط آراءِ النُّحاةِ وأدلَّتهم فيها، وإرجاعُ ذلک إلى مَصادِره، مَعَ الحِرصِ على الإجْمالِ وتَجنُّبِ الإطنابِ في عرضِ المسائلِ الخِلافية ؛ لأنَّ التفصيلَ فيها يحتاجُ إلى مُجلدَّات .
§  خامساً : تَذْييلُ کُلَّ مَسألةٍ بِبَيان رأيِ أبي الحسين الفارسي فيها، ومُقارنتِه بمَذاهبِ النُّحاةِ، دونما تحَيُّزٍ إليه أو تَحاملٍ عليه، مَعَ إبداءِ رأيي بتَرْجيحِ مَا أراهُ رَاجِحَاً، قبولاً أو ردَّاً، مُدَعِّماً مقالتي بما توفَّرَ لديَّ مِن أدلة، مُعتمِدَاً في ذلک کُلِّهِ على الاخْتِصَارِ ، وعَدَمِ الحَشْوِ مَا اسْتَطَعْتُ إلى ذلک سبيل .
§    سادساً : عَزْوُ الآياتِ القرآنيةِ إلى أماکِنها في القرآنِ الکريم، وتوثيقُ القِراءاتِ، والشَّواهِدِ الشِّعريةِ مِنْ مَصادِرها .
§     سابعاً : تَرتيبُ المَسائلِ النَّحْوية وِفـقاً لِترتِيبِها في المُقْتَصِد ، الذي هوَ بالکاد مُتَابِعٌ لتَرتيبِ الإيضاح .

وإني إذْ أقدِّمُ هذا العملَ المتواضِعَ لا أدَّعي للآراءِ التي عرضتُها في هذا البحث العِصمةَ مِن الخطأ ، وإنَّما هي آراءٌ تحتملُ المناقشةَ والدِّراسة .
والأملُ کبيرٌ أنْ أکون قد وفِّقتُ فيما قَصَدْتُ، وحَققتُ مَا أمِلتُ، واللهَ أسألُ أنْ يجعلَه خالصاً لوجهه الکريم، وإضافةً نافعةً لمکتبةِ النَّحو والعربية، وأنْ يُلهِمَنا السَّدادَ والإخلاصَ في الفِکرِ، والقولِ ، والعَمل .
 فهو حسبُنا ونِعمَ الوکيل .
وآخر دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين .
دکتور
عبدالحميد حمدي عبدالحميد المقدم
 
 

الكلمات الرئيسية