وصفوة القول إنّ المقدّمة مبحث مهمّ، نظريا وإجرائيا، في استجلاء معالم مشروع توفيق بکّار ورؤيته الرياديّة لنصّ الأدب. فتوفيق بکّار لم يکن مجرّد قارئ محترف، برع فنون شرح النّصوص وتشقيقها تشقيقا تقتضيه وظيفة الأستاذ الجامعي فقط، بل کان متخيّرا لنصوصه من عيون الأدب العربيّ قديمه وحديثه، وما کان قطعا من منبهرا بالآخر الغربي أو مغتربا في رؤيته وفي نمط حياته، وإنّما کانت دعوته لا تنقطع في کلّ ما يکتب إلى ضرورة الخروج من عزّة الحاکي إلى ذلّة المبتکر إن رمنا العدول بأمّتنا عن اليمّ الخبط إلى مرفإ الضّبط. وفضلا عن ذلک فإنّ خطاب المقدّمات مثلما ورد في کتابات بکّار خطاب جامع لخطابات متعدّدة ومتنوّعة بعضها له وظيفة إخبارية وأمّا بعضها الآخر فإنّه يضطلع بوظيفة تفسيرية أو تعليقية أو يمارس شرحا لما يمکن أن يُشکل على القارئ أو وظيفة إيديولوجيّة تجسّد الخلفيّة الإيديولوجيّة الّتي انطلق منها توفيق بکّار في إنشاء مقدّماته، تلک المبنية على أساس المبادئ النّظريّة الشيوعية المناهضة للفکر الاستبدادي المهيمن على واقع العالم العربي والمتطلّعة إلى إنجاز التّغيير الشامل الّذي أساسه عدم الاکتفاء بترديد الشعارات والأقوال بل بتحقيق الأفعال وتجسيد الانتصارات.