موقف القرآن الکريم من الحيل دراسة موضوعية

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

مدرس التفسير وعلوم القرآن بکلية أصول الدين والدعوة بالمنصورة

المستخلص

الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله .. وبعد ..
فقد أمر الله عباده أن يعبدوه وحده ، وأن يطيعوه ويطيعوا رسله ، فقامت طائفة من الناس بواجب العبادة والطاعة على وجهها ، وأعرضت طائفة أخرى عنهما ، وبين الحين والحين تظهر طائفة ثالثة متلونة ؛ فبينما تعلن أنها عابدة طائعة بلسانها، نجد من أفعالها عجباً !! حيث تعمد هذه الطائفة لالتماس وسائل غريبة يهدفون بها إلى الالتفاف على أوامر الله وهدي أنبيائه عليهم الصلاة والسلام ، وفي هؤلاء يقول النبي r (لَا تَرْتَکِبُوا مَا ارْتَکَبَتِ الْيَهُودُ فَتَسْتَحِلُّوا مَحَارِمَ اللَّهِ بِأَدْنَى الْحِيَلِ) ([1]) .
وبسبب کثرة حبائل هذه الطائفة وألاعيبها وحِيَلها لاستحلال حرام أو لتحريم الحلال أخذ معظم الفقهاء موقفاً معادياً من الحيل ، وذموها ونَهَوا عنها ، وحذّروا منها .
بينما نجد آخرين يرون أن الحکم بذم الحيل إجمالاً يخالف الصواب ، ويجانب نصوصاً صحيحة من السنة والکتاب ، ويتساءلون : کيف نحکم بذم حيلة إذا کانت لإحقاق حق وإبطال باطل ؟ لا سيما وقد فعلها معصومون من رسل الله ، فهذا سليمان عليه السلام في منصب قضاء بين امرأتين اختصمتا في طفل ؛ کل منهما تدعيه لنفسها ، فما استطاع الوصول إلى الحق إلا بحيلة :
فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ t أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r قَالَ: "کَانَتِ امْرَأَتَانِ مَعَهُمَا ابْنَاهُمَا، جَاءَ الذِّئْبُ فَذَهَبَ بِابْنِ إِحْدَاهُمَا، فَقَالَتْ لِصَاحِبَتِهَا: إِنَّمَا ذَهَبَ بِابْنِکِ ، وَقَالَتِ الأُخْرَى: إِنَّمَا ذَهَبَ بِابْنِکِ، فَتَحَاکَمَتَا إِلَى دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَقَضَى بِهِ لِلْکُبْرَى، فَخَرَجَتَا عَلَى سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ فَأَخْبَرَتَاهُ، فَقَالَ: ائْتُونِي بِالسِّکِّينِ أَشُقُّهُ بَيْنَهُمَا، فَقَالَتِ الصُّغْرَى: لاَ تَفْعَلْ يَرْحَمُکَ اللَّهُ هُوَ ابْنُهَا فَقَضَى بِهِ لِلصُّغْرَى" ([2]).
وهذا البحث ليس من أهدافه عرض أدلة الفريقين: المانعين والمجيزين للحيلة، ولا مناقشة أدلتهم ، فهذا يُبحث في مظانه من کتب الفقه ، وإنما يهدف البحث لبيان موقف القرآن الکريم من الحيل : ما يرفض منها وما يقبل ، ليکون القارئ على بينة من أمره في هذه المسألة التي قد تخفى على کثير من الناس .
فالقرآن الکريم هو المصدر الرئيس للتشريع ، وهو المنبع الصافي الذي يرتوي منه کل صادر ، وبآياته يستدل کل صاحب وجهة على وجهته التي هو موليها ، فإذا کشفنا النقاب عن موقفه من الحيل فقد أضيء الطريق لسالکه ، وعرفنا الحق من مالکه .
وقد اشتمل هذا البحث على أربعة مباحث :
Åالمبحث الأول : التعريف بالحيل
Å المبحث الثاني : حيل ذمها القرآن الکريم
Å المبحث الثالث : حيل أقرها القرآن الکريم
Å المبحث الرابع : تعليقات ختامية (نتائج وتوصيات)
والله نسأل الهداية والتوفيق ، والحمد لله أولاً وآخراً 

الكلمات الرئيسية