موقف الفقه الإسلامي من عمل المرأة بالقضاء في ظل دولة المؤسسات

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

المدرس بقسم الفقه المقارن بکلية الدراسات الإسلامية والعربية بنات الاسکندرية

المستخلص

إن الحمد لله نستعينه ونستغفره ونستهديه ، ونتوب إليه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهد الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادى له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريک له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.                          أما بعد.......

فمسألة عمل المرأة بالقضاء من المسائل الشائکة التي أثارت تساؤلات عديدة وما زالت هذه التساؤلات تثار حوله، خاصة وقد صار عمل المرأة بالقضاء حقيقة واقعة في بلاد إسلامية کثيرة.

فالإسلام قد کرم المرأة ودفع عنها الظلم وأنصفها في کثير من الأمور، وجعل لها حقوقا لم تکن تعرفها من قبل کالميراث، والانفراد بتدبير أمورها، وامتلاک إرادتها، والتصرف في ملکيتها الخاصة، واختيار زوجها، والتماس العلم وغيره، مما يؤکد أن الإسلام أسبغ نعمته عليها، وأزال عنها کل ضروب المعاناة والهوان والعنت، ورد لها کرامتها، وصان حريتها، وأحاطها بالإحسان والرعاية، فنالت حقها في البيعة والقصاص، وتولي أمور البيع والشراء والاستثمار.

فلقد ظفرت المرأة تحت مظلة الإسلام بالتبجيل والاحترام والصيانة والعفاف، واستکمالاً لهذا فلسوف أقوم ببيان المنهج الإسلامي في مسألة عمل المرأة بالقضاء علي اختلاف أنواعه العادي أو الإداري.

فالقضاء بين الناس بالحق والعدل بينهم من أفضل أعمال البر وأعلي درجات الأجر، قال تعالي " وإن حکمت فاحکم بينهم بالقسط إن الله يحب المقسطين"([1])، فمحبة الله تعالي لعمل ما دليل علي شرفه وعظم قدره، ومنصب القضاء من المناصب الواجب تعظيمها، فبه بعث الرسل، وبالقيام به قامت السماوات والأرض، وقد جعله النبي r من النعم التي يباح الحسد عليها، حيث قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r: " لاَ حَسَدَ إِلَّا فِي اثْنَتَيْنِ: رَجُلٍ آتَاهُ اللَّهُ مَالًا، فَسَلَّطَهُ عَلَى هَلَکَتِهِ فِي الحَقِّ، وَرَجُلٍ آتَاهُ اللَّهُ حِکْمَةً، فَهُوَ يَقْضِي بِهَا وَيُعَلِّمُهَا "([2])

کما أن فيه خطراً عظيماً لمن لا يقيم الحق فيه؛ لذلک کان أعلم الناس بالقضاء أشدهم له کراهه لعظم خطره قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r: «مَنْ وَلِيَ القَضَاءَ، أَوْ جُعِلَ قَاضِيًا بَيْنَ النَّاسِ فَقَدْ ذُبِحَ بِغَيْرِ سِکِّينٍ»([3])، فليس هذا ذماً للقضاء ولا تنفيراً منه، وإنما وصفه بالمشقة فکأن من وليه قد حمل علي مشقة کمشقة الذبح، وهو دليل شرف القضاء وعظيم منزلته، فالمتولي له مجاهد لنفسه وهواه، کما أنه دليل علي فضيلة من قضي بالحق إذ جعله ذبيح الحق امتحاناً لتعظم له المثوبة امتناناً.

فهل المرأة بما حباها الله من صفات تختص بها تقوي علي العمل بهذا المنصب، مع ما فيه من مشاق وما يتطلبه من قوة وحزم وشدة في الحق وعدم قدرة الغير علي التأثير عليها ومخالطة الرجال ومحاورة عتاة الإجرام وما يستلزمه من الفطنة والحنکة والذکاء والحکمة.

منهج البحث :-

أولاً : لقد اتبعت في هذا البحث المنهج الإستقرائي ثم الإستنباطي وذلک بذکرت أقوال الفقهاء حسب الترتيب الزمنى لظهور جمهور الفقهاء فبدأت بذکر رأى الحنفية ثم المالکية ثم الشافعية ثم الحنابلة ثم الظاهرية ثم الزيدية ثم الإمامية ثم الإباضية موثقةً قول کل مذهب من مراجعه الأصلية المعتمدة فى المذهب ، وإذا اتفق مذهب مع غيره أذکره مع من وافقه ثم أذکر المخالفين تباعاً.

ثم أقوم بذکر أدلة کل فريق مع قوله مع بيان وجه الدلالة من الآيات القرآنية من کتب التفسير والأحکام، ووجه الدلالة من الأحاديث النبوية من کتب شروح الحديث، ثم أقوم بمناقشة أدلة الفقهاء إن وجد والرد عليها، ثم أقوم بذکر الرأى الراجح بناء على قوة الأدلة أو تحقيق المصلحة العامة أو دفع المفسدة.

ثانيـاً : عزو الآيات القرآنية بذکر اسم السورة ورقم الآية.

ثالـثاً : تخريج الأحاديث النبوية الشريفة والآثار الواردة فى البحث اعتماداً على کتب السنن والصحاح والمسانيد والمصنفات والمعاجم.

رابـعاً: ترجمة الأعلام الوارد ذکرها فى الرسالة.

خامساً : بيان بعض المصطلحات الغريبة التى تحتاج إلى إيضاح.

سادساً : عمل فهرس للمراجع والمصادر وبدأته بذکر القرآن الکريم ثم کتب التفسير وعلومه، ثم کتب الحديث وعلومه، ثم کتب اللغة، ثم کتب التراجم، ثم کتب الفقه وبدأتها بالمذهب الحنفى ثم المالکى ثم الشافعى ثم الحنبلى ثم الظاهرى ثم الزيدى ثم الإمامى ثم الإباضى، ثم کتب أصول الفقه ثم المراجع الحديثة، مع مراعاة أنه لا اعتبار لحرفى (أل) فى الترتيب ، ثم انتهيت بذکر فهرس عام لموضوعات البحث.

 أسباب اختيار الموضوع:

1-  التعريف بالقضاء وبدولة المؤسسات ومقومات قيامها ومنها استقلال القضاء قديماً وحديثاَ.

2-  مسألة عمل المرأة بالقضاء ما زالت مثارة حتي الآن، وإن کانت مسألة قد تکلم

3- فيها الکثيرون وقد أقرها القانون في العديد من البلدان الإسلامية.

4-  بيان جهات القضاء التي يمکن أن يعمل بها القاضي رجلاً کان أو امرأة.

5-  بيان حکم الإسلام في تقليد المرأة القضاء سواء کان عادياً أم إدارياً.

6-  إستناد المعارضين إلي حکم الشرع في النزاع القائم علي عمل المرأة بالقضاء.

7-  عدم وجود نص شرعي قطعي أو قانوني يمنع عمل المرأة بالقضاء.

8-  بيان إلي أي مدي کان العصر النبوي عصرأ کاملاً متکاملاً ظهرت فيه دولة المؤسسات ظهوراً حقيقياً. 

خطة البحث:

يشتمل هذا البحث علي مقدمة وثلاثة مباحث وخاتمة:

المقدمة :- وفيها أهمية الموضوع وأسباب اختياري له وخطة البحث.

المبحث الأول : التعريف بالقضاء، ويشتمل علي مطلبين:-

        المطلب الأول: حقيقة القضاء من منظور علماء اللغة.

        المطلب الثاني: حقيقة القضاء من منظور علماء الشرع.

المبحث الثاني : التعريف بدولة المؤسسات، ويشتمل علي مطلبين:-

        المطلب الأول: حقيقة دولة المؤسسات.

        المطلب الثاني: مقومات قيام دولة المؤسسات.

المبحث الثالث: جهات القضاء.

المبحث الرابع: موقف الفقه الإسلامي من عمل المرأة بالقضاء، ويشتمل علي مطلبين:-

      المطلب الأول: حکم عمل المرأة بالقضاء العادي.

      المطلب الثاني: حکم عمل المرأة بالقضاء الإداري.

الخاتمة: وتتضمن أهم نتائج البحث وتوصياته.

وبعـد: فإني أحمد الله تعالى على ما وفقني وهداني إليه، وأسأله تعالى العفو والمغفرة على ما قصرت وأخطأت.

 

الكلمات الرئيسية