من مظاهر التنبيه في القرآن الکريم دراسة نظرية تطبيقية

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

أستاذ أصول اللغة المساعد فى کلية اللغة العربية بجرجا ـ جامعة الأزهر

المستخلص

الحمد لله حمداً يکافئ موفور نعمته، والشکر له - سبحانه - على سوابغ فضله وعظيم منته، والصلاة والسلام على سيد ولد آدم ومصطفاه من بريته، محمد ابن عبد الله الذي ائتمنه على رسالته، سيد المرسلين، وإمام المتقين، وخاتم النبيين، وعلى آله الطيبين الطاهرين وأصحابه الغر المنتجبين، وعترته الهادين المهديين ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين .
وبعد :
فقد کانت اللغة ومازالت من أهم ما تفتخر به الأمم بوصفها عنوان أصالتها، ورمز کيانها وحضارتها ، وأحد مقومات شخصيتها ، بحيث إنها ظاهرة اجتماعية، وأداة للفکر، والتعبير، والتفاهم، والتواصل بين الأفراد، والجماعات، فهي أسمى ما توصل إليه الإنسان من وسائل التفاهم ، والتواصل ؛ نظرا  لما تمتاز به من يسر ، ووضوح ، ودقة دلالة ، واللغة أهم اللغات قيمة ، ومرتبة ، ولا يختلف اثنان على أنها لغة ثرية بنفسها ، وأن فيها من الظواهر اللغوية ، والأسلوبية ما تزال بحاجة إلى دراسة بل دراسات لغوية، لم تصل إليها يد البحث،  ولا عجب في ذلک ، فعندما اختارها الله سبحانه وتعالى لتکون وعاء خاتمة رسالاته – الرسالة المحمدية – منحها تجددا وأمدّها بديمومة لا تنتهي فضلا عما أسبغ عليها من قداسة بوصفها لغة التعبد عند المسلمين کافة .
ولما کان "السياق يرشد دائما إلى تبيين المجمل، وتعيين المحتمل ، والقطع بعدم احتمال غير المراد، وتخصيص العام، وتقييد المطلق، وتنوع الدلالة، بل إنه أعظم القرائن الدالة على مراد المتکلم " ([1]) ؛ لذا حفل السياق بالظواهر الدلالية، على مستوى الأدوات والتراکيب والأساليب، ومن هذه الظواهر (التنبيه) الذي هو من مقتضيات الحال ، ودواعي المقام ؛ فحين يريد المتکلم سوق کلام مهم، وذي خطر، يقدم له بما يليق بالحال وينبه على ذلک، ليکون تقريرا للکلام، وتوکيدا له ، لئلا يفوت الغرض ويذهب المقصود .
فالتنبيه ذو أهمية کبيرة وله دور بارز في نجاح العملية التواصلية بين المتخاطبين ، فبه يدرک المخاطَب مقصود المخاطِب ، وبه يفطن من غفلته ، ويرکز فيما سيلقى إليه من کلام ؛ فيهيئ نفسه ويعدها لذلک .
کما أنه لا يخفى علينا صلة التنبيه بالکثير من ألفاظ العربية ، وأدواتها وجملها ، وأساليبها ، وغير ذلک مما سنراه في ثنايا البحث .
ولکن على الرغم من أهمية التنبيه ووظيفته اللغوية في التواصل ، إلا أنه لم يحظ بالاهتمام اللائق به لدى الدارسين والباحثين ، وخاصة اللغويين .
وقد أُسنِد إليَّ في عام : 2010 م في جامعة الملک فيصل بالسعودية الإشراف على رسالة ماجستير ، في مجال التخصص ، وکان عنوانها ( مظاهر التنبيه في سور الحواميم دراسة لغوية ) ، وبعد قناعتي بالموضوع وإرشاد الباحثة للبدء فيه ؛ إذا بانتهاء تعاقدي مع الجامعة في نفس العام ، وإسناد الإشراف إلى زميل آخر ؛ قام بتغيير الدراسة من لغوية إلى نحوية ، ومع ذلک ظل شغفي بالموضوع وإصراري على دراسته معلقا إلى أن هداني المولى عز وجل ، وسنحت الفرصة للشروع فيه ؛ لإحساسي أن التنبيه من أهم وسائل التواصل بين المرسِل والمستقبِل  فاستعنت بالله سبحانه وتعالى وتوکلت عليه ودعوته أن يوفقني في هذا البحث الذي عنونت له بـ ( من مظاهر التنبيه في القرآن الکريم دراسة نظرية تطبيقية ) ، ولا أدعي الإحاطة بکل ما يتصل بظاهرة التنبيه في القرآن الکريم ، ولکن الذي قدمت إنما هو قُلّ من کُثر، وغيض من فيض ، و لعل هذا البحث يکون بدايةً ودافعًا للباحثين بقسم أصول اللغة ، لتناول هذه المظاهر بالبحث والدراسة لکل مظهر على حدة ، دراسة إحصائية ، في کتاب الله وحديث رسوله ، وفي کلام العرب شعره ونثره ، بل ومحاولة ربط هذه الظواهر بين القديم والجديد .
وقد حرصت أن تکون دراسة هذه المظاهر في القرآن الکريم ؛ لأن الخطاب القرآني کله - لا شک - يشکل رسالة لغوية ناجحة ، وملائمة لسياق نزولها وتلقيها في کل زمان ومکان ، فهو الأنموذج الأمثل الواجب احتذاؤه في بناء الخطاب .
منهج البحث :
التزم الباحث المنهج الوصفي التحليلي؛ لأن طبيعة البحث تتطلب أن يقوم بجمع المادة اللغوية، وتحديدها کما وردت في بعض کتب التفسير، ونظرا لکثرة المادة اللغوية التي جمعتها من کتب التفسير، لم أستطع تحليلها کلها؛ حتى لا يطول البحث، واکتفيت بتحليل بعضها، واحتفظت بکثير منها لعل الله – تبارک وتعالى – يوفقني في المستقبل لإخراجه في عمل آخر .
خطة البحث :
اقتضت طبيعة البحث أن يکون من مقدمة، وتمهيد، وأربعة مباحث، مشفوعة بالخاتمة ، والفهارس الفنية لکل ما احتواه البحث .
- أما المقدمة: فقد اشتملت على الحديث عن أسباب اختيار الموضوع، وأهميته، ثم التنويه بمنهج البحث وخطته .
- وأما التمهيد فقد تناول مفهوم التنبيه ومصطلحه قديما وحديثا .
- أما المباحث فقد جاءت على النحو التالي :
المبحث الأول : التنبيه بالألفاظ المفردة .
المبحث الثاني : التنبيه بالجمل .
المبحث الثالث : التنبيه بالأساليب البلاغية.
المبحث الرابع : التنبيه بالأساليب النحوية.
المبحث الرابع : التنبيه بالعدول .
ثم جاء دور الخاتمة التي اشتملت على أهم النتائج التي توصل إليها الباحث  ثم أردفتها بالفهارس الفنية .
وأسأل الله – سبحانه وتعالى – أن أکون قد وفقت فيما قصدت إليه : ﴿وَما تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَکَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ ﴾ .
                                                         الباحث
 

الكلمات الرئيسية