من أوجه التقابل بين قصتي يوسف وموسى -عليهما السلام- في القرآن الکريم

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

مدرس الأدب والنقد في کلية اللغة العربية بجرجا

المستخلص

ورد ذکر سيدنا يوسف -u- في القرآن الکريم  في غير السورة التي سميت باسمه في آيتين فقط، في قوله تعالى: (وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ کُلاًّ هَدَيْنَا وَنُوحاً هَدَيْنَا مِن قَبْلُ وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَکَذَلِکَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ) [الأنعام : 84] وقوله تعالى: (وَلَقَدْ جَاءکُمْ يُوسُفُ مِن قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا زِلْتُمْ فِي شَکٍّ مِّمَّا جَاءکُم بِهِ حَتَّى إِذَا هَلَکَ قُلْتُمْ لَن يَبْعَثَ اللَّهُ مِن بَعْدِهِ رَسُولاً کَذَلِکَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُّرْتَابٌ) [غافر : 34]
ومن العجيب مجيء سيدنا موسى -u- معطوفا على سيدنا يوسف -u- في الآية الأولى، ومن العجيب -أيضا- أن ذکريوسف في الآية الثانية ورد في إطار مشهد من مشاهد قصة موسى.ولا يمکن القول إن هذا من قبيل المصادفة، فليس ثمة مصادفة في القرآن الکريم، بل لکل شيء في القرآن سر وإن خفي علينا.
ولعل في هذا إشارة إلى ما بين قصتيهما من أوجه التقابل التي يريد هذا البحث أن يقف أمامها استکشافا لجمال ملامحها وإستشرافا لمواطن حسنها، ولا أعلم أن أحدا قد تناول هذا من قبل في مبحث مستقل. ولا يُراد من هذا البحث الموازنة بين القصتين، کما أن مفهوم التقابل فيه لا يعني التطابق بين عناصر کل من القصنين، ولکنه يعني وجود المناسبة التي تلتقي فيها القصتان أو بعض من عناصرهما، هذه المناسبة قد تکون ظاهرة أحيانا، وقد تکون خافية أحيانا أخرى، تتخذ مظهر الموافقة تارة، وتتخذ مظهر المفارقة تارة أخرى.
من ثم کانت عناية هذا البحث موقوفة فقط على تلک المناسبة دون غيرها رصدا وتوصيفا وتحليلا واستنتاجا، من خلال النظر المتأني إلى الآيات التي عرضت مشاهد کل من القصتين، وتتبع ما ورد في بطون الکتب قديما وحديثا من إشارات قد تُومئ إلى مناسبة تلتقي فيها القصتان أو بعض من عناصرهما.
ولا يخفي ما في مثل هذا العمل من المصاعب التي يمکن أن تواجه من يقوم به، إذ يرتاد دربا لم يُخبَر، وشِعبا لم يُعبَر، مع هيبة تغشى کل من يرد هذه الحياض أو يقف أمام تلک الرياض.
وقد اقتضت طبيعة هذا الموضوع أن يجيء البحث فيه في مقدمة وتمهيد وثلاثة فصول وخاتمة.
تُلْمِح المقدمة إلى طبيعة الموضوع وأهميته والخطة التي يسير البحث في إطارها.
ويتناول التمهيد المفاضلة بين القصتين عند العلماء في القديم والحديث.
ويستکشف الفصل الأول التقابل بين القصتين في طريقة العرض والموضوع.
ويستظهر الفصل الثاني التقابل بين الأحداث في القصتين.
ويستبين الفصل الثالث التقابل بين الشخصيات في القصتين.
وتتولى الخاتمة توضيح أبرز النتائج التي توصل إليها البحث.
والله -سبحانه وتعالى- أسأل، وبنبيِّه -r- أتوسَّل، أن يرزقنا الإخلاص في القول والعمل، وأن يجنِّبنا بفضله الزَّلَل، وأن يُحْسِن ختامَنا عند حضور الأجل.
 
 

الكلمات الرئيسية