جريمة زنا المحارم آثارها وعقوبتها في الفقه الإسلامي ( دراسة مقارنة )

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

مدرس الفقه بکلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنات بسوهاج

المستخلص

فإن المتأمل في حال البشرية اليوم يدرک ما وصلت إليه من انحلال خلقي، وممارسات فاضحة ،واستباحة للأعراض، وذهاب للحياء، وانتفاء للغيرة على المحارم، وانتهاک للحرمات، وارتکاب للمحرمات .
وإن من أعظم هذه المحرمات التي ترتکب، والحرمات التي تنتهک ، والتي تهتز لها المشاعر ، وتنخلع لها القلوب ، ولا تقبلها فطرة إنسان ، ولا مبادئ دين ، ولا نظام مجتمع على الأرض ، جريمة زنا المحارم .
إن هذه الجريمة التي ازدادت بدرجة ملحوظة وتناقلتها وسائل الإعلام المختلفة ، المقروءة منها والمسموعة والمرئية،وظهرت في جميع طبقات المجتمع، تنذر بعواقب وخيمة وخطيرة على الأسرة والمجتمع بأسره ، لما فيها من إلحاق الأذى والقطيعة والاعتداء على الرحم المأمور بصلتها ، وضياع الأنساب ، وانتهاک الحرمات.
بل إن الزنا بالمحارم يصيب الإنسان السوي بالنفور والاشمئزاز؛لأن الفطرة التي فطر الله الناس عليها تأبى هذا الفعل تماماً، وتعده من قبيل المستحيلات .
وفي ذلک يقول الإمام محمد رشيد رضا/" من الجناية على الفطرة أن يزاحم هذا الحب العظيم بين الوالدين والأولاد ، حب الاستمتاع بالشهوة فيزحمه ويفسده وهو خير ما في هذه الحياة ... ولولا ما عهد في الإنسان من الجناية على الفطرة ، والعبث بها والإفساد فيها، لکان سليم الفطرة أن يتعجب من تحريم الأمهات والبنات ؛ لأن فطرته تشعر بأن النزوع إلى ذلک من قبيلالمستحيلات([1]) .
وعلى الرغم من وجود هذه الجريمة وانتشارها في المجتمع إلا أنه من المتعذر تحديد حجمها ، وإجراء الدراسة حولها ، نظراً للظروف التي تقع فيها والملابسات التي تکتنف ارتکابها .
ولما کانت هذه الجريمة خطيرة،وضررها بالغاً على الأسرة والمجتمع رأيت أن الواجب يفرض علىَّ أن أکتب حول هذه الجريمة لأنبه المجتمع إلى آثارها الخطيرة ، ولأبين التدابير الوقائية التي اتخذها الفقه الإسلامي ليمنع وقوع هذه الجريمة ، والتدابير العلاجية التي اتخذها حيال هذه الجريمة إذا وقعت ، وحيال آثارها الخطيرة .
فالإسلام لم يعتمد الاعتماد الکلى في قطع دابر الزنا على إقامة حد هذه الجريمة على مرتکبيها في المجتمع بل أتى بتدابير إصلاحية ، ووقائية على نطاق واسع لحفظ المجتمع الإنساني من خطرها ، وإنما جاء بالحد کآخر حيلة لتطهير المجتمع .
يقول الأستاذ أبو الأعلى المودودى /:
" ولا يصعب عليک أن تدرک بهذا کله تلک الخطة الإصلاحية التي ما جاء الإسلام بحد الزنا إلا کجزء منها وليس هذا الحد إلا لأن يستأصل شأفة الخلعاء المستهترين الذين لا ينفکون يصرون على قضاء شهواتهم بطريق نجس على الرغم من هذه التدابير للإصلاح الخارجي والداخلي ، وعلى الرغم مما يجدون أمامهم من الطرق المشروعة لقضاء شهواتهم ، وأن يجرى على الذين يجدون في نفوسهم مثل هذه الميول عملية الجراحة النفسية بقتل نفس منهم، وهذا الحد ليس بعقوبة لمجرم فحسب بل هو إعلان في الوقت نفسه أن ليس المجتمع الإسلامي بمتنزه يسرح فيه الذواقون والذواقات متمتعين بحريتهم بدون خوف ولا تقيد بقاعدة من قواعد الشرف والإطلاق([2]).
وبذلک يتبين لنا أن السبيل الوحيد لسلامة المجتمع من هذه الجريمة هو التزام ما أمر الله به واجتناب ما نهى الله عنه ؛ لأنه سبحانه وتعالى اختار لعباده ما فيه صلاح دينهم ودنياهم وأخراهم وصدق الله القائل في کتابه :
 


خطة البحث:
يتکون هذا البحث من تمهيد وثلاثة مباحث وخاتمة
التمهيد : في التعريف بزنا المحارم وأدلة التحريم والمفاسد المترتبة .
المبحثالأول : العوامل المؤدية إلى زنا المحارم وموقف الفقه الإسلامي منها.
المبحثالثاني : الآثار المترتبة على زنا المحارم وموقف الفقه الإسلامي منها
المبحثالثالث : عقوبة وطء المحارم في الفقه الإسلامي والتشريع المصري
الخاتمة : وتشمل أهم النتائج التي توصلت إليها في البحث ثم ذيلت البحث بفهرس بأهم المراجع والمصادر .
 
والله أسأل أن يجعل هذا البحث خالصاً لوجهه الکريم وأن ينفع به طلاب العلم والدين إنه نعم المولى ونعم النصير
د/ عادل موسى عوض


 

الكلمات الرئيسية