نظرة الإسلام للشعر من خلال الکتاب والسنة

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

کلية الدراسات الإسلامية بنات بسوهاج جامعة الأزهر

المستخلص

قبل الدخول فى موضوعنا يطيب لى أن أقدم له بوجهة نظر خاصة فنقول – وبالله التوفيق- إن لکل فکرة ، أو خاطرة تجول بعقل أو فکر الإنسان دوافع وأسباباً مکونة لهذه الفکرة ، فتظل تؤرق فى عقل المبدع ، وتؤجج فى مشاعره ، وتشغل کيانه کله. حتى إذا ما اختمرت فى العقل، واکتملت جميع جوانبها، نجده لا يهدأ له بال إلا إذا أفرغ تلک الشحنة التى بداخله، وعبر عنها بطريقة، أو بأخرى – بالقول أو الکتابة – أقول ذلک لأن ما دفعنى للکتابة فى هذا الموضوع إنما هى فکرة جالت بخاطرى، وأججت مشاعرى؛ تلک التى تکونت عندى من خلال القراءة فى الأدب الإسلامى، والتى وضح لى من خلالها مدى الحقد، والکراهية التى يکنها أعداء الإسلام فى صدورهم ضد الدين الإسلامى الحنيف وتتمثل هذه الکراهية فى طعناتهم القاتلة، واتهاماتهم الباطلة الموجهة إلى الدين الإسلامى عامة، وإلى النبى e خاصة، وکان ذلک، کما نعلم فى بداية الدعوة، وما أشبه اليوم بالبارحة فبعد أربعة عشر قرناً من الزمان تعود الأمور إلى ما کانت عليه فيوجه أعداء الإسلام اتهامات جديدة تواکب رکب التقدم والحضارة والمدنية مدعين أن الإسلام لا يصلح لهذا الزمان، ولا يفى بمتطلبات الحياة ليشوهوا صورته أمام الناس، فلا نملک إلا أن نقول ﴿کبرت کلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا کذبا﴾"([1])صدق الله العظيم.
هذا ولم يقف أعداء الإسلام عند هذا الحد بل أرادوا أن يشککوا بعض المسلمين فى عقيدتهم، ويبينوا لهم من خلال کتاباتهم المتسرعة أن هناک تعارضاً بين القرآن والسنة النبوية الشريفة، فهم يرون من وجهة نظرهم الباطلة أن القرآن يحرم الشعر، ويدعون أن ذلک واضح فى قول الله تعالى ﴿والشعراء يتبعهم الغاوون* ألم تر أنهم فى کل واد يهيمون وأنهم يقولون ما لايفعلون﴾"([2]) صدق الله العظيم. فى حين أن النبى e اتخذ الشعر سلاحاً للدعوة، وشجع على قوله، وقرب الشعراء إليه، وعلى رأسهم سيدنا "حسان بن ثابت" رضى الله عنه والذى کان يأمره النبى e بهجاء قريش مستدلين فى ذلک بالحديث الصحيح، الذى رواه البراء بن عازب رضى الله عنه قال: سمعت رسول الله e يقول لحسان بن ثابت "اهجهم، أو هاجهم وجبريل معک"([3]) يأتون بالدواء المر عليه غلاف، أو قشرة رقيقة من السکر، يخادعون الله والذين آمنوا معه، لکنهم فى الحقيقة يخدعون أنفسهم دون أن يشعروا بذلک. خداعهم يبدو للناظر إليه نظرة عابرة دون وعى، أو تدبر وفهم، أن السنة تخالف القرآن کما يزعمون، مع أنها هى التى وضحت المجمل منه وفصلته، تبّا لهم فليس لهم قصد من وراء ذلک إلا أن يوقعوا الأضطراب فى نفوس المذبذبين، وضعاف الإيمان.
وهنا نجد سؤالا يطرح نفسه کيف يکون الرد على من غلبهم الهوى لرأيهم فلم يفقهوا کلام ربنا تبارک وتعالى، ولا حديث نبينا صلى الله عليه وسلم؟ والدليل على عدم فهمهم، أنهم أخذوا ما يحلو لهم من آيات وترکوا الآية التى يتضح بها المعنى، وتتم بها الفائدة، مثلهم فى ذلک مثل الذى يقول قال الله تبارک وتعالى ﴿ولا تقربوا الصلاة﴾ وليس له قصد من وراء ذلک – أى القائل أو المستدل بالآية – إلا أن يمنع الناس عن أداء فريضة الصلاة. لأنه يعلم أن هذا جزء من آيه وليس آية تامة تتم بها الفائدة، فهذه إحدى طرق خداعهم الفکرى. وللرد على هؤلاء المخادعين نقول : لو أنهم قرأوا الآيات قراءة کاملة، بفهم وتدبر لوضح لهم الأمر، وتبينوا أن الله تعالى قد ذم فى هذه الآيات جماعة معينة من الشعراء، وهى الجماعة التى وهبت نفسها لذم النبى e وذم ما جاء به من تعاليم، کما سيتضح لنا من خلال عرضنا للشعر على الکتاب، والسنة فى الصفحات التالية.
وقد جاء البحث بعد المقدمة فى تمهيد وخمسة مباحث وخاتمة :-
أما التمهيد: فقد جاء عنوانه :مکانة الأدب والشعر خاصة فى فترة التشريع :-
وأما المبحث الأول فعنوانه : موقف الإسلام من الشعر من خلال الکتاب .
وأما المبحث الثانى فعنوانه : موقف الإسلام من الشعر من خلال السنة ..
وأما المبحث الثالث فعنوانه : الشعر قناة إعلامية هامة لتوصيل الرسالة إلى الناس.
وأما المبحث الرابع فعنوانه : النبى e ناقداً .
وأما المبحث الخامس فعنوانه : الرد على من يقول بتناقض القرآن مع الحديث .
الخاتمة : فيها خلاصة البحث وأهم نتائجه
نسأل الله تبارک وتعالى أن يلقى هذا البحث القبول ، وأن يجعله فى ميزان حسناتنا.
 

الكلمات الرئيسية