صفة الإمام العادل للحسن البصرى ( رضى الله عنه ) ( المتوفى 110 هـ ) دراسة بلاغية

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

الأستاذ المساعد فى قسم البلاغة والنقد

المستخلص

 يقول ابن رشيق القيروانى: ما تکلمت به العرب من جيد المنثور، أکثر مما تکلمت به من جيد الموزون، فلم يحفظ من المنثور عُشره، ولا ضاع من الموزون عُشره " ([1]) ، وفى هذا رد على کل من يزعم أن العرب لم يکن لهم نثر فنى قبل الإسلام ، ومعلوم أن سبب ضياع کثير من النثر الجاهلى راجع إلى طبيعته الفنية الخالية من الوزن ، عکس الشعر فإن المروى فيه أکثر ، وذلک لسهولة حفظه لاشتماله على الوزن ، کذلک قلة التدوين فى هذا العصر ، والاعتماد على الحفظ ، ومن ثم فالشعر أقرب للحفظ من النثر ، ولست هنا بصدد التعليل لأصالة النثر ، ولکن قلت ما قلت لأبين الغبن الذى تعرض له ، فإنه لم يلق العناية الکافية من الدراسات البلاغية  ، والنقدية ، ولعل الدارسين فى هذا المجال تأثروا بما قاله شيخ البلاغة الإمام عبد القاهر الجرجانى : من أن الشعر هو" معدن البلاغة ، وعليه المعول فيها "([2]) ، وردد الدکتور أبو موسى هذا المعنى فى قوله: دراسة الشعر،وتفقده،وتذوقه،ومعرفة فنونه ، وطرائق الشعراء کل ذلک أصل ، وأساس فى الدراسة البلاغية ، لا يقوم بشيء منها إلا عليه "([3])، وإن کنا نسلم بهذا، إلا أنه لا يجعلنا نغض الطرف عن النثر ، خاصة وأن له لغته التى تتوهج حرارة ، وتتقد عاطفة وانفعالاً ، وتکون قادرة على إثارة الدهشة والإعجاب، فهى لغة ذات سحر خاص، توقع المتعة الفنية فى نفس القارئ والسامع ، کما أنه يعتمد کوثيقة تاريخية للدولة أکثر من الشعر ، لأنه لسان حالها ، ولاسيما الرسائل الديوانية ، والمعبرة عن أحداث التاريخ ، فضلاً عن ذلک أن أدبية وجمالية النص النثرى ، قد تفوق النص الشعرى ، لأن الشعر فى بعض الأحيان قد يکون نظماً ذهنياً ، لا روح فيه ، وإنما هو فکر ، ووزن وقافية ، کما هو الحال فى المنظومات العلمية  للنحو وغيره، ولذا فإن الجمال فى الشعر والنثر يرجح عندما تتفوق الوظيفة الجمالية على الوظيفة المعرفية .   
ولما کان للنصوص النثرية هذه القيمة العالية فى التعبير ، وقع اختيارى على نص للحسن البصرى وهو: رسالة للخليفة عمر بن عبد العزيز بصفة الإمام العادل ، ولا شک أن الحسن رائد مدرسة الاصلاح الاجتماعى ، والسياسى فى عصره ، وواحد من رواد الخطابة الدينية ، وبالرغم من أصوله غير العربية ، إلا أنه استطاع أن يعبر بها  تعبيراً  لم يملکه أصحابها ، فتميز نثره بالحکمة، والبلاغة، والفصاحة ، حتى عّدو کلامه أشبه بکلام النبيين ، وکان من الزهاد الأوائل الذين  نذروا أنفسهم إلى وعظ الناس ، وصدهم عن التهالک على ملاذ الدنيا، وکان الزهد فى عصره رداً على انغماس الناس فى الشهوات ، لاسيما أولئک الذين أفاءت عليهم الفتوحات الإسلامية ، أو التجارة بالمال الوفير ، وقد أوتى ملکة من التعبير جعلت مواعظه تأسر القلوب ، وتسيل الدموع ، إلى جانب کلماته التى تنبعث منها إشعاعات موحية ، ومؤثرة ، کل ذلک أغرانى بتناول رسالته السابق ذکرها بالدراسة البلاغية  القائمة على التذوق البلاغى للنصوص ، ومعرفة طرائقها ، وتبين مسالکها ، وما تنطوى عليه من نکات بلاغية ، وقد اقتضت طبيعة البحث أن يکون فى مقدمة ،  وتمهيد ، ومبحث واحد ، وخاتمة ، وفهرس المصادر والمراجع، وفهرس موضوعات البحث .
 المقدمة وفيها بيان بأهمية الموضوع .
التمهيد : وفيه حديث مختصر عن الحسن البصرى ، وأهم ملامح حياته ، إلى جانب ذکر النص الکامل للرسالة ، والأفکار الرئيسة فيها ، ومدى مطابقتها للحال .
ومبحث واحد خصصته للتحليل البلاغى للرسالة .
الخاتمة : وفيها أهم نتائج البحث ، ثم فهرس المراجع ، وفهرس موضوعات البحث .
وبعد .. أسأل المولى عز وجل السداد والتوفيق ، وأن يکون هذا العمل فيه إضافة للمکتبة البلاغية ، وأن يغفر الله لى ما وقعت فيه من هنات ، والله من وراء القصد ، وهو الهادى إلى سواء السبيل .                                                                                   
                                                                                  الباحث    


 

الكلمات الرئيسية