حکايات اللحياني وأثرها في بناء الحکم النحوي

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

مدرس اللغويات فى کلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنات بأسيوط

المستخلص

فليس هناک أمة اهتمت بلغتها اهتمام العرب بلغتهم ، ويسجل التاريخ لهم الإبداع في القول ، والتنافس في مقام الفصاحة ، والتباري في صنوف البيان ، وفنون الکلام.
وتعکس الأسواق التي کانت منتشرة في بقـاع الجزيرة العربية مدى حبهم للغتهم،  وما کانوا عليه من حس لغوي ، وفطرة زکية ، لا تعرف اللحن  .
ولما جاء الإسلام ، وسعى إليه الناس من کل فج عميق ليشهدوا منافع لهم ، ودخل فيه کثير من أهل العجم بدأ اللحن يتسلل إلى أسوار العربية ، ويعرف طريقه إلى مفرداتها وصيغها ، وأمست اللغة تلتوي بعد سلاستها ، وتمرض بعد سلامتها ، فخشي الفضلاء على لغتهم ، وشعروا بحاجتهم إلى علم يضبط قواعدها ، ويصون مفرداتها ، ويکافح اللحن بکل صوره وأشکاله ، ويضرب بسور بين العجمة واللسان العربي ، فلا يستطيع غير العرب أن يظهروه ، ولا تقدر الأمم الداخلة في الإسلام على نقبه .
ومن هنا هرع العلماء إلى البادية منبع الفصاحة ومعين البيان ، فامتلأت البوادي بالوافدين عليها على اختلاف نزعاتهم ، وتباين مواطنهم ، وساحوا في الجزيرة العربية يلتقطون اللغة، ويتلقون العربية الخالصة من شوائب العجمة.
وعکفت الألباب الخالصة ، والأذهان الصافية ، والأفهام الواعية على استنباط دقائق اللغة ، ولمِّ شواردها ، وقنص نوادرها ، وقد کان ذلک مع نهاية القرن الأول الهجري ، وبداية القرن الثاني تقريباً .
وکان اللحياني واحداً من هؤلاء حيث قامت على أکتافه وأکتاف شيوخه من أئمة الکوفة أرکان المدرسة الکوفية ، التي کان لها الفضل الأکبر في رواية اللغة ونقلها وتدوينها ، ذهب إلى البادية والتقى بفصحائها ، وقد تمخض عن رحلاته إليها کتاب له في النوادر قال عنه القفطي : " حسن جليل "([1]) .
إلا أن هذا الکتاب أتت عليه حوادث الزمان وعوادي الأيام ، فلم يعرف طريقه إلينا، وضن به الزمان علينا .
والظاهر أن هذا الکتاب قد انطوى على علم غزير ، ونوادر مفيدة ، تبرز ما للکوفيين من إسهامات في القاعدة ، وتعکس السمات المنهجية للمذهب الکوفي ، وتوجِّه النظر إلي أن الکوفيين اعتمدوا أشياء ترکها البصريون نظروا إليها على أنها شاذة ومخالفة لأقيستهم ، فأتى بها الکوفيون ثقة منهم بأنها مهمة في إثراء اللغة ، ومفيدة في بناء الحکم النحوي .
وقد تَبَيَّنتُ ذلک من خلال حکاياته المنثورة في کتب النحويين واللغويين ، وأفصح عنه ما تيسر لي الوقوف عليه من مسائل نحوية اشتملت عليها تلک الدراسة.
 ولما أردت أن أسلک بعض طرق أهل اللغة لعلّي أنال بعض فضلهم ، وجدت
في تلک الحکايات جملة صالحة لإعداد بحث ، أسهم به في کشف النقاب عن تلک الحکايات ، وأثرها في بناء الحکم النحوي ، وأبين به  إسهامات صاحبها في خدمة اللغة العربية . وقد جاء تحت عنوان :
" حکايات اللحياني وأثرها في بناء الحکم النحوي "


الكلمات الرئيسية