اتحاد طرفى الجملة بين السياق والدلالة

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

الأستاذ المساعد بقسم البلاغة والنقد

المستخلص

فإن اللغة العربية تمتاز من بين اللغات - جميعها - بسلامة صيغها ومبانيها  وغزارة أساليبها وتراکيبها ، وتدفق معانيها ومضامينها ، وتنوع إيحاءاتها وإشعاعاتها.
وقد زخرت المکتبة العربية بالکثير من الدراسات التى تعنى بکل ناحية من هذه النواحى اللغوية الشائقة .
وکان من بين تلک الأساليب التى وقف عندها علماء اللغة ، تلک التى اتحد فيها طرفا الإسناد ؛ لأنها جاءت على غير المألوف عندهم ، وعلى غير القواعد التى تقررت لديهم ، مع أنها تفيض بالکثير من الملاحة والحسن ، لما تزخر به من إبلاغ فى الوصف ، وتدفق فى المعنى ، وغزارة فى الشعور ، وإيجاز فى الأداء اللغوى .
فهو موضع من البلاغة تتکاثر محاسنه ، وتتعدد طرائفه ، وتتنوع أساليبه وطرائقه ، وتکثر سياقاته ودلالاته .
ولم يقف علماء البلاغة – عند هذا الأسلوب – بالدرس والتحليل بل وجدنا ومضات خافتة ، ولمحات وامضة ، وإشارات عابرة ، عند المفسرين ، وشراح الحديث ، والنقاد ... ويأتى فى مقدمتهم الآمدى ، الذى تناول هذا الأسلوب عند موازنته بين الطائيين فى استعمالهما هذا الأسلوب ، ومدى مواءمته للأسس التى وضعها العلماء لعمود الشعر ... وذلک من خلال قول أبى تمام :
لا أنت أنت ولا الديار ديار       خف الهوى وتولت الأوطار
وسوف يکون للبحث وقفة هادئة عند رؤية أبى تمام ونظرته لهذه الأساليب وهکذا وجدنا أن هذا النوع من التراکيب التى اتحد فيه طرفا الإسناد لم يظفر بدراسة بلاغية مستقلة ، مع أنه يحمل من الإيجاز فى العبارة والإبلاغ فى الوصف ، والتدفق فى الشعور ، والغزارة فى المعنى ، ما لا يقل قليله .
لذا أردت أن أقف عند هذا النوع من الأساليب، أرصد سياقاته وما وراءه من بلاغة عالية، وإحساس متدفق، وملائمة للسياق الوارد فيه.
وقد قدمت لهذه الدراسة بتوطئة ، بينت فيها حکم اتحاد طرفى الجملة عند اللغويين ، وأن هذا الاستعمال يمثل صورة من صور العدول فى اللغة ، لما تقرر عند علماء اللغة ، من وجوب تغاير طرفى الإسناد حتى تتأتى الفائدة .
ثم کان من هم الدراسة رصد السياقات التى جاءت من خلال هذا الأسلوب وتحليل هذه الشواهد ، وبيان بلاغتها على غيرها من الأساليب ، ولم أوثر عليها ؟ مع الإشارة إلى مناسبة هذا الأسلوب لسياقه ، وکيف اختلف – صياغة وبناء – فى کل سياق عن غيره .
ولابد من الإشارة إلى أن غرض هذه الدراسة هى الإلماح إلى موطن الجمال فى هذا الأسلوب ، وکيف أنه لا يسد غيره فى موضعه ، وبيان أسراره ودقائقه ، دون أن يکون من هم الدراسة استقصاء شواهده ونماذجه .
هذا ونسأل الله العصمة من الزلل ، والتوفيق لما هو أقرب لرضاه من القول والعمل
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
                                                                   الباحث
 
 

الكلمات الرئيسية