التأسيس اللساني للأسلوبية بين البلاغة والنقد الأدبي الحديث

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

الأستاذ المساعد في قسم الأدب والنقد کلية الآداب والعلوم جامعة سلمان بن عبدالعزيز

المستخلص

توشک الأسلوبية Stylistics أن تفقد جلّ ارتباطاتها مع النقد الادبي والبلاغة القديمة في ظلّ ما أفرزته اللسانيات الحديثة من تحيّز للمصطلحات والمفاهيم، ومحاولة وصلها بمتن معرفي ثابت لا يتعدّى منجزات فرديناند دي سوسير Ferdenand De Sausse في علم اللغة . ولعلّ عدم التدقيق في الأساس النظري الذي نهضت عليه الأسلوبية هو ما أفضى في نهاية المطاف إلى خلق حالة من العزل بينها وبين مناهج النقد الأدبي من جهة، ووقائع الدرس البلاغي التقليدي من جهة أخرى. ووفقًا لذلک يسعى هذا البحث إلى معاينة مفهوم الأسلوبية ،کما تمّ تکريسه لسانيًّا ونقديًّا، وصولًا إلى التوثّق من صلاحيته في تحريک عمليات التحليل البلاغي القديم ، والنُظُم الإجرائية لمناهج النقد الحديثة.
إنّ دراسة الأسلوبية ضمن خيار تحقّقها في نطاقَي المفهوم والإجراء ستؤسس إلى إنشاء صيغة الفصل أو الوصل مع معطيات التحليل المغايرة لنصوص الأدب . وهو ما يترتب عليه استخلاص نتيجة تنطوي على قدر کبير من الأهمية ، وتتمثّل في الإجابة الموضوعية عن سؤال: هل تُعدّ الأسلوبية طريقة تحليل ناجزة حصريًّا للدرس اللساني الحديث ، أم هي منعدمة أنطولوجيًّا بهذه الصفة ؛ حيث تُطلق على کلّ إجراء منهجي يُعنى بمعالجة الأساليب ذات الصبغة الأدبية .
لقد کاد النقد العربي بترجماته الفکرية المتعدّدة عن الغرب يخلو من التأصيل المسبَّب للأسلوبية ، وربطها منشأً
بشارل بالي Charles Bally الحليف القوي لعلمانية  اللسانيات المعاصرة  ، قبل أن يصل بها إلى أفق الفلسفة الوضعية عند ريفاتير. ومن ثمّة ، فإنّ جدول الأعمال الذي سار عليه هذا النوع من النقد لم يُراعِ الالتفات إلى المنجَز التراثي في المعرفة البلاغية وصولًا إلى تمييز التباعد بين کل من مفهوم الأسلوبية ومفهوم البلاغة. وعلاوة على ذلک، فقد ّ تجاوزَ عملياتِ البحث الأسلوبي في مناهج النقد الحديث سواء أکانت ذات منظور تاريخي أو ذات منظور بنيوي صرف. وهو ما ترتّب عليه أنّ الأسلوبية ضمن هذا الاتّجاه ترسّخت بوصفها مدرسة تحليلية مستقلة تلتزم بأدوات إجرائية محدّدة . ولعلّ مثل هذا التعميم الخطير يمثّل دافعًا استثنائيّا لاختبار مدى تجاوبه مع مفهوم الأسلوبية ، وتطبيقاتها المختلفة على الأدب.
إنّ هذا البحث، متوسِّلًا بنهجه التحليلي، يسعى إلى استيفاء شروط المقاربة الجادّة للأسلوبية من حيث هي توجيه منهجي لقراءة  القيم البلاغية في النصوص ، وهو في هذا المنحى يحاول تحديد العلاقة بينها وبين المدارس النقدية في تحليل الخطاب .
 

الكلمات الرئيسية