إِنَّ دراسةَ الاستعمالاتِ العربيَّةِ المُتَعَدِّدَةِ تُمَثِّلُ أهميةً كُبْري في فَهْم قواعدِ العربية، ومعرفةِ سِيَاقاتها المتعددة؛ ومن تلك الاستعمالات: الهَمزُ وما يتعلّقُ به من أحكامٍ؛ حيث أشار الأقدمونَ لهذا الاستعمال بما يلفتُ النظَرَ إلي أهميةِ السَّعْي لفَهم فلسفتهم الخاصة فيه؛ لذا كان الهدفُ من ذلك البحث هو دراسةُ استعمالِهِم للهمزِ وبيانِ معالِمِ فلسفتِهم التي جعلتهم يَهْمِزُون ما ليَس مَهْموزًا في الأصل، ويَعْدِلون عن الهمزِ فيما كان يستحقُ أن يُهمَز. وقد كشفَ البحثُ أن وراءَ ذلكَ من العللِ والغاياتِ ما جعلهم ينتهجُون هذا النهج، تلك العللُ بعضُها متعلِّقٌ بالجَانب الصَّوْتي، كالاستثقال، وبعضُها بالجانب الصَّرْفي، كهمزِهِم حروفَ العلة المُتَطَرِّفَة إِثْرَ زوائد، أو الهمز فرارًا من التقاء الساكنين، أو همزهم ما ليس مَهْمُوزًا في الأصل علي سبيل التَّوَهُّم. كما كان بعض تلك الدواعي متعلقًا بالجانِبِ الدِّلَالي، كهمزِهِمْ غيرَ المهموزِ؛ حِفَاظًا عي البِنْيَةِ الصَّرْفِية من التَّحــَوُّلِ والتَّغْــيِير، أو للمحافظة علي دِلَالة بعضِ الأَبْنِيَةِ. كما كشَف البحثُ عن بعضِ الآثـــارِ التي نَتَجتَ عن استعمالهم الهمز أو العدولِ عنه. كما ظهر من خِلَال البحثِ: اعتدادُهُم في ذلك الاستعمال بأنواعٍ مُتَعَدِّدَةٍ من العِــلَلِ، كعِلَّةِ المُجاورَة، وعِلَّةِ المُشَابهَة، وعِلَّةِ الاسْتِثْقَــالِ، وعِلَّةِ الحَمْلِ، وغير ذلك.
)
مشاهدة على SCiNiTO