اللهجات في الجليس الصالح الکافي والأنيس الناصح الشافي لأبي الفرج المعافى بن زکريا النهرواني الجريري (303ـ 390هـ) دراسة صوتية

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

مدرس أصول اللغة بالکلية ـ جامعة الأزهر

المستخلص

إن اختلاف الألسن واللهجات وتنوعها سنة الله في خلقه قال تعالى : ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَٱخْتِلاَفُ أَلْسِنَتِکُمْوَأَلْوَانِکُمْ إِنَّ فِي ذٰلِکَ لآيَاتٍ لِّلْعَالَمِينَ﴾.([1])
إن دراسة اللهجات تسهم إسهاما کبيرا في تفهمنا لطبيعة اللغة وبيان مراحلها التاريخية وتأثير البيئة والأزمنة في أصواتها وبنيتها وترکيبها ، کما أن لها دلالات اجتماعية وثقافية ووطنية , ثم إنها تفسر کثيراً من التساؤلات حول التغيرات اللغوية أو التوافق في بعض المعاني .
ومن أجل ذلک کانت دراسة اللهجات العربية القديمة من الحقول البالغة الأهمية في الدراسات اللغوية العربية ، بحيث يمکن القول بأنها من الوسائل العلمية القليلة التي يمکن الاعتماد عليها في الکشف عن تاريخ العربية ومراحل تطورها.
کما أنها وثيقة الصلة بالقراءات القرآنية ، وما يرتبط بذلک من آفاق دينية ، خدمة لنص القرآن وفقهه ، وأحکامه وآدابه ، وما يکون من رد مطاعن ، واکتشاف إعجاز .
لذا فقد حظيت اللهجات - وما زالت تحظى- بعناية کبيرة لدى الدارسين اللغويين في شتى اللغات.
وإن کنا بدورنا نأسف على ذهاب اللغات العربية القديمة، واندثار کثير من خصائصها الصوتية والإعرابية، فإننا لا نعدم بعض الظواهر اللغوية لهذه اللهجات التي ظلت حية في ثنايا اللغة العربية الفصحى، والتي حافظت عليها ألسنة الناطقين بها ضمن کلامهم المنثور والمنظوم وفي أمثالهم وطرائفهم ومجالسهم .
لذا کانت الرغبة الملحة في نفسي أن أقدم بحثا في اللهجات ؛ لعله يکشف عن ظواهر لغوية جديدة ، أو يؤکد ها ، ووقع اختياري على اللهجات في ( الجليس الصالح الکافي والأنيس الناصح الشافي) لأبي الفرج المعافى بن زکريا النهرواني الجريري (303  ـ 390هـ) دراسة صوتية ([2])؛ لعدة أسباب منها:
- غزارة مادته اللغوية.
 اهتمامه باللهجات والاستشهاد بالقراءات القرآنية وبالشعر.
 - يعد هذا الکتاب مصدرا من مصادر الأدب واللغة والنحو وغيرها من الکتب
     المفقودة.
- إنَّ هذا الکتاب يعکس صورة للحياة الأدبية والعلمية في القرن الرابع الهجري، الذي يعد من أزهى عصور العلم والمعرفة في تراثنا اللغوي. ويرسم لنا صورة عن المسائل اللغوية في ذلک العصر وما قبله.
- يعد هذا الکتاب الأثر الباقي لعالم من علماء القرن الرابع الهجري ؛إذ اندثرت جميع مؤلفاته ،ولم يبق منها إلا هذا الکتاب. 
- ظهور شخصية المعافى فکثيرًا تراه يختار ويبدي رأيا فيما يدرسه ويرجح ويناقش ما ذکر من أقوال ، وکانت شخصيته تبرز واضحة وجلية في هذا الکتاب.
واقتصرت الدراسة على الجانب الصوتي ؛ لأنه أکثر الجوانب والمستويات عرضة للتغيير والاختلاف ، وهذا ما نلاحظه بوضوح حتى في لهجتنا العامية الحديثة ،کما أن الاختلافات فيما عداه  من المستويات الأخرى : الصرفية والنحوية والدلالية محدودة ، تقف عند حدود صيغ معينة ومحدودة ، أو بعض الاختلاف في النهايات الإعرابية ببعض الکلمات في بعض الحالات ، أو الاختلاف في معنى بعض الکلمات ، وخشية أن يطول هذا البحث.
منهج البحث وخطته :
التزم الباحث المنهج الوصفي التحليلي ؛ لأن طبيعة البحث تتطلب مني أن أقوم بتشخيص المادة اللغوية ، وتحديدها کما وردت في کتاب الجليس والأنيس، ثم أظهر الشاهد الصوتي فيها ، وبيان مدى مطابقته أو مخالفته لکتب اللغة ، ثم رأي الباحث في ذلک قدر الإمکان ، کما التزم البحث بتوثيق الآيات القرآنية ،وتخريج الأحاديث وتوثيقها من کتب الحديث،  وضبط الشواهد الشعرية وتوثيقها من مظانها ، و نسبتها إلى قائلها غالبًا ، وضع علامات الترقيم المناسبة في بعض النصوص المنقولة ؛ إذا التزم الأمر لخدمة المعنى.
واقتضت طبيعة البحث أن يکون من مقدمة وتمهيد وستة مباحث، مشفوعة بالخاتمة والفهرس.
- أما المقدمة : فقد اشتملت على الحديث عن أسباب اختيار الموضوع ، وأهميته ، ثم التنويه بمنهج البحث وخطته .
- وأما التمهيد فقد تناول نبذة عن حياة المؤلف؛ لأن محقق الکتاب قد أفاض في ذلک .
     - أما المباحث فقد جاءت على النحو التالي:
المبحث الأول : الإبدال في الصوامت والصوائت .
المبحث الثاني : ظاهرة الحذف في الصوامت والصوائت .
المبحث الثالث : تقصير الصائت الطويل .
المبحث الرابع : بين الهمز والتسهيل .
المبحث الخامس : أثر تجاور الأصوات .
المبحث السادس : المشاکلة .
 
ثم جاء دور الخاتمة التي اشتملت على أهم النتائج التي توصل إليها البحث ، ثم أردفتها بفهرس للمصادر والمراجع وآخر للموضوعات .
وأسألُ اللهَ - سبحانه وتعالى-  أن أکون قد وفقت فيما قصدت إليه ، وأن يجزي أساتذتي أساتذة أصول اللغة في جامعة الأزهر الشريف خير الجزاء ، ويجعل ما قدموه ويقدمونه لنا ولأبناء العربية في موازين حسناتهم .
 
والله ولي التوفيق
                                                                                                          الباحث      د/ جابر علي السيد سليم
 

الكلمات الرئيسية