من أسرار التعبير القرآني في سورة القارعة دراسة بلاغية تحليلية

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

مدرس البلاغة والنقد في کلية اللغة العربية فرع جامعة الأزهر بالزقازيق

المستخلص

فإن القرآن الکريم هو حبل الله المتين، وهو الذکر الحکيم والصراط المستقيم، وهو المعجزة العظمى الباقية على مر الأزمان والدهور، لا تزيغ به الأهواء، ولا يشبع منه العلماء، لا تفني ذخائره ولا تنقضي عجائبه، سطع نور هديه في الأکوان، وعمت رحمته  کل مکان.
ولقد عنت لعظمته وجوه الفصاحة، وأرباب البلاغة، وأساطين البيان؛ فعندما حاولوا معارضته انقلبوا صاغرين، وخروا لبلاغته ساجدين، فأصبحوا لإعجازه وسحر بيانه معترفين؛ لأنه تنزيل من رب العالمين، نزل به الروح الأمين، على قلب خاتم الأنبياء والمرسلين.
وقد أمرنا الله عز وجل أن نتدبر هذا القرآن لنعي أغراضه ومراميه، ونهتدي بهداه، ونستضيئ بأنواره، ونتزود من معينه الذي لا ينضب، ونرتشف من رحيقه العذب،   ونرتوي من مائه السلسبيل .
ومما لا شک فيه أن أسرار القرآن فوق کل إدراک وفوق کل تصور، ومن ثم لا يحيط بهذه الأسرار بشر؛ لهذا يقول سهل بن عبدالله:
"لو أعطي العبد بکل حرف من القرآن ألف فهم، لم يبلغ نهاية ما أودعه الله في آية من کتابه؛ لأنه کلام الله، وکلامه صفته. وکما أنه ليس لله نهاية، فکذلک لا نهاية لفهم کلامه؛ وإنما يفهم کل بمقدار ما يفتح الله عليه، وکلام الله غير مخلوق، ولاتبلغ إلى نهاية فهمه فهوم محدثة ومخلوقة."(1)
ـــــــــــــــــ
(1)البرهان في علوم القرآن للزرکشي جـ1 ص9- تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم - مکتبة دار التراث- بالقاهرة- بدون.
من أجل ذلک کلما يممت وجهي تجاه البحث في هذا البحر الخضم الذي لا يدرک غوره؛ کنت أقدم رجلا وأأخر أخرى؛ خوفا ورهبة وإجلالا لعظمة هذا القرآن.
ولکن شاءت إرادة الله أن أتلقى دعوة من مديرية التربية والتعليم بإحدى ولايات سلطنة عمان في أثناء إعارتي لها.
وکانت هذه الدعوة لإلقاء محاضرة عن البلاغة القرآنية في شهر رمضان المبارک.
فأراد الله أن تکون سورة "القارعة" أنموذجا تطبيقيا حول البلاغة القرآنية في هذه المحاضرة.
وبعد توفيق الله لي شرح الله صدري وأنار قلبي؛ لتکون نقطة البداية مع البحث في کتابه الکريم؛ فعقدت العزم وأخلصت النية على أن أقوم بواجبي نحو هذا الکتاب الخالد؛ أتدبر معانيه لعلى أقف على بعض أسراره ومراميه مع سورة القارعة في هذا البحث.
وقد اعتمدت المنهج التحليلي منهجا لهذه الدراسة والذي يتخلص فيما يأتي :
- التحليل اللغوي للألفاظ، وتلمس دلالتها اللغوية، وإيحاءاتها، ومعرفة استعمالاتها الحقيقية والمجازية؛ وهذا يهدينا إلى الکشف عن جمال الألفاظ في موقعها الخاص بها، وسر اختيارها.
-   الإشارة إلى سر إيثار التعبير القرآني لألفاظ السورة دون غيرها من المترادفات، وربط ذلک بالغرض المسوق له الکلام.
-   المقارنة بين الألفاظ والمعاني التي جاءت بها السورة، وبين نظائرها في القرآن ما استطعت إلى ذلک سبيلا.
وبعد، فهذه محاولة متواضعة للوصول إلى بعض دقائق القرآن الکريم؛لعلها تقربنا من بعض أسراره.. فإن وفقت في شيء من ذلک فذلک من فضل ربي، وإن کانت الأخرى فحسبي أنني اجتهدت. وأسأل الله أن يغفر لي ما جرى به قلمي بلفظ لا يليق، أو ذکر معنى يخالف مراد الله في کتابه، کما أسأله تبارک وتعالى أن يفقهنا في الدين ويعلمنا التأويل، وأن يلهمنا الفهم الصحيح لآيات کتابه العزيز، إنه ولي ذلک والقادر عليه.                                                                                   
دکتور
شعبان محمد علي کفافي
کلية اللغة العربية بالزقازيق

الكلمات الرئيسية