الوحدة الفنية في مرثية أبي ذؤيب الهذليّ ( دراسة نقديَّة )

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

أستاذ البلاغة والنقد المساعد ـ جامعة الأزهر

المستخلص

"فمن المعروف أن الحرکة النقدية واکَبَتْ أدبنا العربي منذ أقدم العصور حتى اليوم. فقد ظهرت أولى مصطلحات النقد في العصر الجاهلي وتمثَّلت في الأحکام التي کانت تصدر تعليقاً على النصوص الشِّعريَّة أو النَّثريَّة، وتطوَّرتْ تلک المصطلحات مع ظهور الإسلام بقيمٍ جديدة خطت بالمجتمع العربي خطوات واسعة في طريق التقدم والرقي في مجال الأداء الأدبي وذوق متابعيه بفضل القرآن الکريم وما قدمه من بيان معجز، ومع النهضة الحضارية الکبيرة التي کانت بدايتها في العصر الأموي، وبلغت درجة عالية من النضج في ظلِّ الخلافة العبَّاسيَّة دخل الأدب العربي ومعه حرکة النَّقد طوراً جديداً تمثَّل في استفادة الثقافة العربية من تراث الأمم التي امتزج بها العرب، وکان من الطبيعي أن يصاحب ذلک حرکة نقديَّة تعمل على وضع أسس للبلاغة تعتمد معايير أکثر دقَّة واحتکاماً إلى المنهج العلمي، وکان من ثمرات هذه الجهود ظهور مصطلحات نقديَّة أخذت في النموّ والتکاثر على مرِّ العصور.
ومنذ أوائل القرن التاسع عشر بدأت الأمة العربية في اليقظة من سباتها الطويل، وکانت البداية هي العناية بالتراث القديم ولاسيما في عصور الازدهار الماضية، فنشر عدد کبير من عيون هذا التراث، ومن ناحية أخرى عمل المجتمع العربي وبخاصة في مرکزي نهضته الرئيسين: مصر والشام، على اللحاق برکب الحضارة الأوربية الغربية، وأسهمت في هذه النهضة حرکة الترجمة التي حمل لواءها رفاعة رافع الطهطاوي وتلاميذه، فنقل إلى العربية کثيراً من آداب الغرب وعلومه، وکان من آثار هذا التفاعل ظهور فنون أدبية جديدة مثل الرواية والقصة القصيرة والأدب المسرحي والمقال الأدبي، وتبع ذلک سيلٌ متعاظم من المصطلحات النقدية الجديدة"([1]).
ومن هذه المصطلحات الجديدة: مصطلح الوحدة، فقد ظهر لأول مرَّة في کتابات الناقد الإنکليزي کولردج([2]). وحاول النقاد تطبيقه على موروثنا الشعري القديمة فانقسموا إلى قسمين: الأول: يرى عدم تحققه في القصيدة القديمة، ومن الحَيْف أن نُلزم الشعراء بهذا المصطلح، وأن النقاد القدامى لم يحفلوا بتحققه. أمَّا الثاني: فيرى أن هذا المصطلح کان متحققاً لدى الشعراء في القصيدة القديمة، وأن النقاد القدامى احتفلوا به، وأشاروا إليه وإن کان عندهم لم يکن معروفاً باسم الوحدة، ولمّا رأيت کلَّ هذا أردت أن أدلي بدلوي في هذا المعترک النقدي من خلال دراسة نقديَّة للوحدة في قصيدة من عيون المراثي في الشعر العربي کلِّه وهي مرثية أبي ذؤيب الهذلي، فکان عنوان دراستي: الوحدة الفنية في مرثية أبي ذؤيب الهذلي دراسة نقدية.
أسباب اختيار الموضوع:
وقد حفزني إلى الکتابة في هذا الموضوع عدة حوافز أجملها في الآتي:
1- أن هذا الموضوع -حسب علمي- لم يتناوله أحد من الدارسين قبلي أقصد دراسة الوحدة في مرثية أبي ذؤيب الهذلي دراسة نقدية.
2- إيماني الشديد بأصالة تراثنا النقدي واکتماله على يد جماعة من النقاد لم يشهد التاريخ مثلهم في کل اللغات الحية ما ترکوا شاردة ولا واردة ذات قيمة وتکشف عن إبداع المبدعين إلاَّ ونصُّوا عليها قاعدة وشرحاً وتطبيقاً.
3- الرد على أولئک الذين اتهموا التراث الشعري بأنَّ الشعراء قد خلت تجاربهم الشعرية من کلِّ وحدة.
4- الردّ على مَن قال: إنَّ التراث النقدي قد خلا من الإشارة إلى الوحدة بمفهومها الحديث ولم يجعلها مقياساً نقديّاً.
5- نقل الدرس النقدي من مجاله النظري البعيد عن النص الأدبي إلى مجاله التطبيقي على قصيدة تعدّ من عيون المراثي في الأدب العربي تمثل غرضاً شعريّاً استحوذ على نصيب وافر من نتاج الشعراء.
خطّة البحث :
يتکون هذا البحث من مقدمة، وتمهيد، وفصلين، وخاتمة، وفهرسين.
المقدمة: وفيها أهمية الموضوع، وأسباب اختياره، وخطته، ومنهجه.
التمهيد: وفيه التعريف بالشَّاعر، ومرثيته، وتعريف الوحدة في النقد الحديث.
الفصل الأول: نصوص وحدة القصيدة في التراث النقدي قديماً وحديثاً وفيه مبحثان:
المبحث الأول: نصوص وحدة القصيدة في التراث النقدي قديماً.
المبحث الثاني: نصوص وحدة القصيدة القديمة عند نقاد العصر الحديث ورأيهم فيها.
        الفصل الثاني: الوحدة في مرثية أبي ذؤيب ويتکون من: مدخل ومبحثين:
المدخل:
المبحث الأول: قراءة الوحدة في مرثية أبي ذؤيب.
المبحث الثاني: العوامل التي ساعدت على تحقيق الوحدة في مرثية أبي ذؤيب.
الخاتمة: وفيها أهم النتائج والتوصيات التي توصل البحث إليها.
فهرس المصادر والمراجع، وفهرس الموضوعات.
منهج البحث :
وسأسير في هذه الدراسة بمشيئة الله تعالى- على المنهج التکاملي الذي يجمع بين عدة مناهج هي: التأريخي والفني والاستقرائي.
هذا وستعتمد هذه الدراسة على نصِّ القصيدة الواردة في ديوان الهذليين، ولا تهمل الدراسة بطبيعة الحال فروق الروايات التي وردت لبعض الأبيات في غير ديوان الهذليين کالتي وردت في المفضليات أو في جمهرة أشعار العرب أو خزانة الأدب أو الشعر والشعراء([3]).
وأخيراً أحسب أن هذه الدراسة تسهم بجزء في هذا المعترک النقدي، فإن کانت کما حسبت فهذا فضل الله يؤتيه من يشاء، وإن کانت الأخرى فحسبي أني اجتهدت وأخلصت النية لله تعالى، والله من وراء القصد.
 

الكلمات الرئيسية