فمما لا شک فيه أن العلامة ابن أبي الإصبع المصري ، من العلماء الذين لهم قدم راسخة ، ويد طولى ، وفکر مستنير في علم البلاغة ، فهو البلاغي الناقد الحصيف ، صاحب الذوق الرفيع ، والحس المرهف ، ومن يقرأ کتابيه ( تحرير التحبير ) ، و ( بديع القرآن ) تظهر له صفات أخرى ، کان يتميز بها ابن أبي الإصبع المصري ، وهذا ليس بغريب عليه ، فالبيئة التي عاش فيها ، وتأثر بها هي التي أملت عليه ذلک ، فضلاً عن أن تناوله لعلم البلاغة لم يکتف فيه بجمع الألوان البلاغية ، بل کـان يقف تجاهها ناقدًا لما لم يعجبه ، ومرجحًا ما يراه راجحًا ، ومغيرًا ما لم تعجبه تسميته . إلا أنک في بعض الأحيان تتوقف عند نصوص کلامه ، ولا تدري ماذا يقصد بهذا لکلام ؛ لأنه قد يظهر لک من خلال کلامه – إن أسانا الظن به – شيء من الخلط والاضطراب ، ولکن العلامة ابن أبي الإصبع من العلماء الذين نحسن الظن بهم ، ولعل ما ورد عنده من هذا الخلط کان مرجعه أن المصطلحات البلاغية لم تکن قد استقرت في عهده على وضع معين ، أو أن عقولنا لم تصل إلى فکر هؤلاء وما يريدون من کلامهم ، ومن أجل ذلک جاء هذا البحث تحت عنوان " وقفات بلاغية مع ابن أبي الإصبع المصري في کتابيه ( تحرير التحبير ) و(بديع القرآن ) عرض ومناقشة وترجيح . وقد سرت في هذه الوقفات على منهج هو کالآتي : أولاً : قراءة اللون البديعي الواحد في الکتابين ، قراءة متأنية بفهم وتدبر على قدر استطاعتي . ثانيًا : جاريته على تسمية جميع أبواب البلاغة بأنها من البديع ؛ لأنني لست بصدد تصنيف البلاغة عنده إلى : معان وبيان وبديع ، ولکن البحث له هدف آخر . ثالثًا : نقلت کلامه بالنص – حتى وإن کان طويلاً – لأضعه بين يدي القارئ ؛ ليحکم عليه من خلال کلامه . رابعًا : ناقشته في کلامه بکلامه ، وأقمت عليه الحجة من خلال ما يقول ثم عرضت أقوال أهل العلم في کل مسألة ، ورجحت اللون البلاغي الذي ينسب إليه الشاهد . خامسًا : راجعت بعض النقول ، التي نقلها عن السابقين . سادسًا : خرجت الأبيات الشعرية من دواوين أصحابها ، وضبطتها بالشکل ، ونسبتها إلى قائليها . سابعًا : صنفت الشواهد التي وقفت فيها معه إلى ثلاثة أقسام : القسم الأول : شواهد ذکرها تحت لونين من البلاغة ، بينهما فرق ، وهو الذي يفرق بينهما . القسم الثاني : عدم دقته في تعريف بعض الألوان البلاغية والتفريق بينها. القسم الثالث : شواهد لا تتفق مع تعريفاته للألوان البلاغية . واعتمادًا على ما سبق ، فقد جاء البحث في : مقدمة ، وتمهيد ، وثلاثة مباحث ، وخاتمة ، وفهرس للمصادر والمراجع . فأما المقدمة : فبينت فيها أهمية الموضوع ، والدواعي التي دفعتني إليه. وأما التمهيد فيشتمل على شقين : الشق الأول : نبذة عن ابن أبي الإصبع المصري . الشق الثاني : نبذة عن کتابيه ( تحرير التحبير ، وبديع القرآن ) . وأما المبحث الأول ، فعنوانه : الشواهد التي ذکرت تحت لونين من البلاغة مع أن بين اللونين فرقًا . وأما المبحث الثاني، فعنوانه : عدم دقته في تعريف بعض الألوان البلاغية والتفريق بينها . وأما المبحث الثالث : إتيانه بشواهد لا تتفق مع تعريفاته للألوان البلاغية وأما الخاتمة : فبيت فيها أهم النتائج التي توصلت إليها الدراسة . وبعد : فهذه وقفات بلاغية استُخلصت من خلال قراءة الکتابين (تحرير التحبير) و ( بديع القرآن ) لابن أبي الإصبع المصري ، إن صح فهمي فيها ، فهذا من توفيق الله وعونه ، وإن کانت الأخرى ، فاعتذر أولاً إلى العلامة ابن أبي الإصبع المصري ، إن کنت حملت کلامه ما لا يحتمل ، وأسأل الله ثانيًا أن يغفر لي وله ، إنه ولي ذلک والقادر عليه . الباحث
فؤاد عبد الغني, البدري. (2008). وقفات بلاغية مع ابن أبي الإصبع المصري في کتابيه ( تحرير التحبير ) و ( بديع القرآن ) عرض ومناقشة وترجيح. حولية کلية اللغة العربية بجرجا, 12(2), 1337-1416. doi: 10.21608/bfag.2008.29199
MLA
البدري فؤاد عبد الغني. "وقفات بلاغية مع ابن أبي الإصبع المصري في کتابيه ( تحرير التحبير ) و ( بديع القرآن ) عرض ومناقشة وترجيح". حولية کلية اللغة العربية بجرجا, 12, 2, 2008, 1337-1416. doi: 10.21608/bfag.2008.29199
HARVARD
فؤاد عبد الغني, البدري. (2008). 'وقفات بلاغية مع ابن أبي الإصبع المصري في کتابيه ( تحرير التحبير ) و ( بديع القرآن ) عرض ومناقشة وترجيح', حولية کلية اللغة العربية بجرجا, 12(2), pp. 1337-1416. doi: 10.21608/bfag.2008.29199
VANCOUVER
فؤاد عبد الغني, البدري. وقفات بلاغية مع ابن أبي الإصبع المصري في کتابيه ( تحرير التحبير ) و ( بديع القرآن ) عرض ومناقشة وترجيح. حولية کلية اللغة العربية بجرجا, 2008; 12(2): 1337-1416. doi: 10.21608/bfag.2008.29199